(إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ) فوجدناه ووصفناه بما يليق به من الصفات العلى ، ونزهناه عما لا يجوز عليه في ذاته وصفاته (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) من القرآن (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ) على الأنبياء (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) ، قال الزجاج : معناه هل تكرهون إلا إيماننا وفسقكم أي : إنما كرهتم إيماننا ، وأنتم تعلمون أنا على الحق ، لأنكم فسقتم بأن أقمتم على دينكم لمحبتكم الرئاسة ، وكسبكم بها الأموال.
قال بعض أهل التحقيق : فعلى هذا يجب أن يكون موضع أن في قوله (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) نصبا بإضمار اللام على تأويل ولأن أكثركم فاسقون. وقيل : لما ذكر تعالى ما نقمه اليهود عليهم من الإيمان بجميع الرسل ، وليس هو مما ينقم ذكر في مقابلته فسقهم ، وهو مما ينقم ، ومثل هذا يحسن في الازدواج ، يقول القائل : هل تنقم مني إلا أني عفيف وأنك فاجر؟ وإلا أني غني وأنك فقير؟ فيحسن ذلك لإتمام المعنى بالمقابلة ، ومعنى (فاسِقُونَ) : خارجون عن أمر الله طلبا للرئاسة ، وحسدا على منزلة النبوة ، والمراد بالأكثر من لم يؤمن منهم ، لأن قليلا من أهل الكتاب آمن. وقيل في قوله : (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) قول آخر ذكره أبو علي الجرجاني صاحب النظم قال : يجعله منظوما بقوله (آمَنَّا بِاللهِ) على تأويل آمنا بالله ، وبأن أكثركم فاسقون. فيكون موضع أن جر بالباء ، وهذا وجه حسن (١).
* س ٥١ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)(٦٠) [المائدة:٦٠]؟!
الجواب / قال الإمام العسكريّ عليهالسلام : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أمر
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٣٦٧.