بطاعتي وإيثار رضاي ، لا بالأماني. قيل : معنى (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) يعني يهدي من يشاء في الدنيا فيغفر له ، ويميت من يشاء على كفره ، فيعذبه.
وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) معناه أنه يملك ذلك وحده لا شريك له يعارضه ، فقد وجب اليأس مما قدروا من كل جهة ، وأنه لا منجي لهم إلا بالعمل بطاعة الله واجتناب معاصيه. وقال أبو علي : ذلك بأنه يملك السموات ، والأرض وما بينهما على أنه لا ولد له ، لأن المالك لذلك لا شبه له ، ولأن المالك لا يملك ولده لخلقه له.
وقوله : (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) : معناه أنه يؤول إليه أمر العباد في أنه لا يملك ضرهم ، ولا نفعهم غيره ـ عزوجل ـ ، لأنه يبطل تمليكه لغيره ذلك اليوم كما ملكهم في دار الدنيا ، كما يقال : صار أمرنا إلى القاضي لا على معنى قرب المكان ، وإنما يراد بذلك أنه المتصرف فينا والأمر لنا دون غيره (١).
* س ٢١ : ما هو معنى : (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) في قوله تعالى :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١٩) [المائدة:١٩]؟!
الجواب / قال أبو الرّبيع : حججنا مع أبي جعفر عليهالسلام في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطّاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفر عليهالسلام في ركن البيت ، وقد اجتمع عليه الناس ، فقال نافع : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي قد تداك ـ أي ازدحموا ـ عليه الناس؟
فقال : هذا نبيّ أهل الكوفة ، هذا محمّد بن عليّ. فقال : أشهد لآتينّه
__________________
(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٤٧٨.