وأحباؤه ، وقال السدي : إن اليهود تزعم أن الله عزوجل أوحى إلى بني إسرائيل إن ولدك بكر من الولد ، وقال الحسن : إنما قالوا ذلك على معنى قرب الولد من الوالد.
وأما قول النصارى ، فقيل فيه : إنهم تأولوا ما في الإنجيل من قول عيسى اذهب إلى أبي وأبيكم. وقال قوم : لما قالوا : المسيح ابن الله أجرى ذلك على جميعهم ، كما يقولون : هذيل شعراء أي منهم شعراء وكما قالوا في رهط مسيلمة قالوا : نحن أنبياء أي قال قائلهم. وكما قال جرير : ندسنا أبا مندوسة القين بالقنى ، فقال : ندسنا ، وإنما النادس رجل من قوم جرير.
وقوله : «وأحباؤه» جمع حبيب ، فقال الله لنبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قل لهؤلاء المفترين على ربهم : (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) فلأي شيء يعذبكم بذنوبكم إن كان الأمر على ما زعمتم ، فإن الأب يشفق على ولده. والحبيب على حبيبه ، لا يعذبه وهم يقرون بأنهم معذبون ، لأنهم لو لم يقولوا به ، كذبوا بكتبهم وأباحوا الناس ارتكاب فواحشهم. واليهود تقر أنهم يعذبون أربعين يوما. وهي عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل. وقوله : (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ) معناه قل لهم : ليس الأمر على ما زعمتم إنكم أبناء الله وأحباؤه ، بل أنتم بشر ممن خلق من بني آدم إن أحسنتم جوزيتم على إحسانكم مثلهم ، وإن أسأتم ، جوزيتم على إساءتكم ، كما يجازى غيركم. وليس لكم عند الله إلا ما لغيركم من خلقه.
وقوله : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) فإنه وإن علق العذاب بالمشيئة ، فالمراد به المعصية ، لأنه تعالى لا يشاء العقوبة إلا لمن كان عاصيا ، فكان ذكرها أوجز وأبلغ ، لما في ذلك من رد الأمر إلى الله الذي يجازي به على وجه الحكمة.
وإنما هذا وعيد من الله لهؤلاء اليهود والنصارى المتكلمين على ما منازل أسلافهم في الجنان عندهم. فقال الله تعالى : لا تغتروا بذلك فإنهم نالوا ما نالوا