وقوله : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) معناه ليس هذا إلا سحر مبين. واحتج أبو علي بهذه الآية على أنه متى كان في معلوم الله تعالى أنه لو أتاهم الآيات التي طلبوها لأمنوا عندها وجب أن يفعلها بهم ، قال : ولو لا ذلك كذلك لم يحتج على العباد في منعه إياهم الآيات التي طلبوها أي إنما منعتهم إياها لأنهم كانوا لا يؤمنون ، ولو أتاهم إياها لكانوا يقولون إنها سحر مبين. وبهذا تبين بطلان قول من قال اللطف ليس بواجب ، وأنه يجوز أن يمنعهم الله ما طلبوا وإن كانوا يؤمنون لو أتاهم ذلك ويكفرون لو منعهم إياه (١).
* س ٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(١٠) [الأنعام:٨ ـ ١٠]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : ثم قال تعالى حكاية عن قريش : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) يعني على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) فأخبر عزوجل أن الآية إذا جاءت والملك إذا نزل ولم يؤمنوا هلكوا ، فاستعفى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الآيات رأفة منه ورحمة على أمّته ، وأعطاه الله الشّفاعة.
ثم قال الله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) ـ [قال أبو عبد الله عليهالسلام : «لبسوا عليهم ، لبس الله عليهم ، فإنّ الله يقول (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ)(٢)] ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ
__________________
(١) نفس المصدر : ص ٨٢.
(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٠.