قوله : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) وكل من ذكرنا من المشركين ، والمنافقين ، ومن لم يسلم من اليهود والنصارى ، يقع عليه اسم كافر يدل على ذلك قوله (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) فإذا وقع على المستهزئين اسم كافر حسن أن يكون قوله (وَالْكُفَّارَ) تبيينا للاسم الموصول ، وهو الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا ، كما كان قوله (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) تبيينا له ، ولو قال من الكفار فبين به ، لعم الجميع ، ولكن الكفار كان إطلاقه على المشركين أغلب ، وأهل الكتاب على من إذا عاهد دخل في ذمة المسلمين ، وقبلت منه الجزية ، وأقر على دينه ، أغلب ، فلذلك فصل بينهما.
وأما القراءة بالنصب ، فمعناه : لا تتخذوا المستهزئين من أهل الكتاب ، ولا تتخذوا الكفار أولياء (وَاتَّقُوا اللهَ) في موالاتهم بعد النهي عنها (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بوعده ووعيده أي : ليس من صفات المؤمنين موالاة من يطعن في الدين ، فمن كان مؤمنا غضب لإيمانه على من طعن فيه ، وكافأه بما يستحقه من المقت والعداوة (١).
* س ٤٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)(٥٨) [المائدة:٥٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : ثم أخبر سبحانه عن صفة الكفار الذين نهى الله المؤمنين عن موالاتهم ، فقال : (وَإِذا نادَيْتُمْ) أيها المؤمنون (إِلَى الصَّلاةِ) أي : دعوتم إليها (اتَّخَذُوها) أي اتخذوا الصلاة ، (هُزُواً وَلَعِباً) وقيل في معناه قولان :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٣٦٥.