وأنه يدعوا إلى التصديق بالتوراة. والثاني ـ أن في الإنجيل ذكر التصديق بالتوراة وهما مختلفان و «هدى» في موضع نصب بالعطف على «مصدقا». و «موعظة» عطف على «هدى للمتقين». وإنما أضافه إلى المتقين ، لأنهم المنتفعون بها ... والمتقون هم الذين يتقون معاصي الله وترك واجباته خوفا من عقابه والوعظ والموعظة هو الزجر عما كرهه الله إلى ما يحبه الله والتنبيه عليه (١).
* س ٣٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤٧) [المائدة:٤٧]؟!
الجواب / بعد أن أشارت الآيات السابقة إلى نزول الإنجيل ، أكدت الآية الأخيرة أن حكم الله يقضي أن يطبق أهل الإنجيل ما أنزله الله في هذا الكتاب من أحكام ، فتقول الآية : (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ).
وبديهي أن القرآن لا يأمر بهذه الآية المسيحيين أن يواصلوا العمل بأحكام الإنجيل في عصر الإسلام ، ولو كان كذلك لناقض هذا الكلام الآيات القرآنية الأخرى بل لناقض أصل وجود القرآن الذي أعلن الدين الجديد ونسخ الدين القديم ، لذلك فالمراد من ذلك هو أن المسيحيين تلقوا الأوامر من الله بعد نزول الإنجيل بأن يعملوا بأحكام هذا الكتاب وأن يحكموها في جميع قضاياهم (٢).
وتؤكد هذه الآية ـ في النهاية ـ فسق الذين يمتنعون عن الحكم بما أنزل الله من أحكام وقوانين فتقول : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٣).
__________________
(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٥٤٠.
(٢) الأمثل : ج ٦ ، ص ٢٤.
(٣) سورة المائدة : ٤٧.