قد ملكت ثمودا فلما أقبلت الناس على صالح وصارت الرياسة إليه حسدته ، فقالت لامرأة يقال لها قطام وكانت معشوقة قدار بن سالف ولامرأة أخرى يقال لها قبال كانت معشوقة مصدع وكان قدار ومصدع يجتمعان معهما كل ليلة ويشربون الخمر فقالت لهما ملكاء : إن أتاكما الليلة قدار ومصدع فلا تطيعاهما وقولا لهما إن الملكة حزينة لأجل الناقة ولأجل صالح فنحن لا نطيعكما حتى تعقرا الناقة ، فلما أتياهما قالتا لهما هذه المقالة فقالا نحن نكون من وراء عقرها ، فانطلق قدار ومصدع وأصحابهما السبعة فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء وقد كمن لها قدار في أصل صخرة في طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى ، فمرّت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس فأسفرت لقدار ثم زمرته فشد على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرجت ورغت رغاة واحدة ثم طعنها في لبتها فنحرها ، وخرج أهل البلدة واقتسموا لحمها وطبخوه ، فلما رأى الفصيل ما فعل بأمه ولى هاربا ثم صعد جبلا ، ثم رغا رغاء تقطع منه قلوب القوم ، وأقبل صالح فخرجوا يعتذرون إليه ، إنما عقرها فلان ولا ذنب لنا ، فقال صالح : انظروا هل تدركون فصيلها فإن أدركتموه فعسى أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه في الجبل فلم يجدوه (١).
وكانوا عقروا الناقة ليلة الأربعاء ، فقال لهم صالح تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ، فإن العذاب نازل بكم ، فصاح بهم جبرائيل عليهالسلام تلك الصيحة ، وكانوا قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا أن العذاب نازل بهم ، فماتوا أجمعين في طرفة عين ، وكان ذلك في يوم الأربعاء.
__________________
(١) مجمع البيان : المجلد الثاني ، ص ٦٨١ ـ ٦٨٢.