مخزن معرفة الله ووعاء علمه ، فاستغرق في بحار أنوار رحمته ، فعند ذلك أكرمه الله بغاية الكرامة ، وشرّفه بمنصب الإمامة ، و﴿قالَ﴾ له ثوابا على القيام بالطاعة والصّبر عليها : ﴿إِنِّي جاعِلُكَ﴾ وناصبك ﴿لِلنَّاسِ﴾ كافّة إلى قيام السّاعة ﴿إِماماً﴾ ومقتدى يأتمّون بك ، ويهتدون بهداك ، فلذلك اجتمع أهل الأديان كلّهم على تعظيمه وأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله باتّباع ملّته كما قال الله : ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً﴾(١) .
عن الصادق عليهالسلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى اتّخذ إبراهيم عليهالسلام عبدا قبل أن يتّخذه نبيّا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه خليلا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه خليلا قبل أن يتّخذه إماما ، فلمّا جمع له الأشياء قال : ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً﴾ فمن عظمها في عين إبراهيم عليهالسلام ﴿قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾(٢) .
وفي رواية عن الرضا عليهالسلام : « فقال الخليل عليهالسلام سرورا بها ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾(٣) . ﴿قالَ﴾ الله عزوجل ﴿لا يَنالُ﴾ ولا يصل ﴿عَهْدِي﴾ والإمامة التي أمرها بيدي ﴿الظَّالِمِينَ﴾ من ذرّيتك ، والعصاة من نسلك ، فإنّ الإمام مانع عن الظلم ، فلا يجوز أن يكون هو ظالما.
قال الرضا عليهالسلام : « فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة ، وصارت في الصّفوة » (٤) .
وفي رواية : « من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما » (٥) .
وفي اخرى ، قال عليهالسلام : « لا يكون السّفيه إمام التّقيّ » (٦) .
وفي هذه الرّوايات من التّعريض ما لا يخفى.
وفي رواية القمّي رحمهالله : « ثمّ أنزل عليه الحنيفيّة ، وهي الطّهارة ، وهي عشرة أشياء ؛ خمسة في الرأس ، وخمسة في البدن ، فأمّا التي في الرأس : فأخذ الشّارب ، وإعفاء اللّحى ، وطمّ الشّعر ، والسّواك ، والخلال.
وأمّا التي في البدن : فحلق الشّعر من البدن ، والختان ، وقلم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطّهور
__________________
(١) النحل : ١٦ / ١٢٣.
(٢) الكافي ١ : ١٣٣ / ٢ ، الاختصاص : ٢٢.
(٣) الكافي ١ : ١٥٤ / ١ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢١٧ / ١.
(٤) الكافي ١ : ١٥٤ / ١ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢١٧ / ١.
(٥) الكافي ١ : ١٣٣ / ١ ، الاختصاص : ٢٣.
(٦) الكافي ١ : ١٣٣ / ٢ ، الاختصاص : ٢٢.