وقال محمّد بن حبيب : سعد بن عبيد أحد من جمع القرآن على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله (١) .
وعن قتادة ، عن أنس قال : افتخر الحيّان : الأوس والخزرج ، فقال الأوس : منّا أربعة : من اهتزّ العرش له : سعد بن معاذ ، ومن عدلت شهادته شهادة رجلين : خزيمة بن ثابت ، ومن غسّلته الملائكة : حنظلة بن أبي عامر ، ومن حمته الدّبر (٢) : عاصم بن ثابت. فقال الخزرج : منّا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه غيرهم (٣) .
وروي البخاري عن أنس ، قال : مات رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد (٤) .
قال بعض الفحول : قد استنكر جماعة الحصر في الأربعة (٥) .
وقال المازني : لا يلزم من قول أنس : لم يجمعه غيرهم ، أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك ، إلى أن قال : وقد تمسّك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ، ولا متمسّك لهم فيه ، فإنّا لا نسلّم حمله على ظاهره (٦) .
وعن القرطبي : قد قتل يوم اليمامة سبعون من القرّاء ، وقتل في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ببئر معونة مثل هذا العدد. قال : وإنّما خصّ أنس الأربعة بالذكر لشدّة تعلّقه بهم (٧) .
أقول : الظاهر أنّ القرّاء مع حفظهم لجميع القرآن كان عندهم مكتوبا جميعه ، فإذا طعنت الملاحدة على القرآن ، وأنكروا تواتره ، تمسّكا برواية أنس ، فكيف لم يطعنوا ولا يطعنون على من اعتقد أنّ القرآن لم يكن مجموعا في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله بل كانت آياته وسوره متفرّقة عند النّاس ثمّ تصدّى لجمعه بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله أبو بكر وعمر ، مع عدم علمهما بجميع القرآن حتّى جمعوه - على ما قيل - بشهادة شاهدين ؟
وعن النسائي ، عن عبد الله بن عمر ، قال : جمعت القرآن فقرأت به كلّ ليلة ، فبلغ النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال :
__________________
(١) المحبر : ٢٨٦ ، الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٤٩.
(٢) الدّبر : النّحل ، وعاصم بن ثابت. يسمّى حميّ الدّبر ، وذلك لأنّه لما أصيب يوم الرجيع أراد المشركون أن يأخذوا رأسه ، فبعث الله سبحانه عليه مثل الظّلة من الدّبر فحمته منهم ، وكان قد عاهد الله تعالى ان لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك. أسد الغابة ٣ : ٧٣.
(٣) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٤٧.
(٤) صحيح البخاري ٦ : ٣٢١ / ٢٥.
(٥) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٤٥.
(٦) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٤٥.
(٧) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٤٥.