ويؤيّد ذلك أنّه نقل عن ابن سيرين أنّه قال : بلغني أنّه كتبه على تنزيله ، ولو اجيب إلى ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير (١) .
ونقل عنه أيضا أنّه قال : كتب عليّ عليهالسلام في مصحفه الناسخ والمنسوخ (٢) .
بل يشهد لذلك ما رواه الطبرسيّ في ( الاحتجاج ) في جملة احتجاج أمير المؤمنين عليهالسلام على جماعة من المهاجرين والأنصار أنّ طلحة قال له في جملة مسائله عنه : يا أبا الحسن ، أريد أن أسألك عن مسألة ، رأيتك خرجت بثوب مختوم ، فقلت : « أيّها الناس ، إنّي لم أزل مشتغلا برسول الله صلىاللهعليهوآله بغسله وكفنه ودفنه ، ثمّ اشتغلت بكتاب الله حتّى جمعته ، فهذا كتاب الله عندي مجموعا ، لم يسقط عنّي حرف واحد » .
إلى أن قال : فما يمنعك أن تخرج كتاب الله على الناس ، وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألّف عمر فجمع له الكتاب ، وحمل النّاس على قراءة واحدة ، فمزّق مصحف أبيّ بن كعب وابن مسعود وأحرقهما بالنّار ؟
فقال له علي عليهالسلام : « يا طلحة ، إنّ كلّ آية أنزلها الله عزوجل على محمد صلىاللهعليهوآله [ عندي ] بإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّ يدي [ وتأويل كل آية أنزلها الله على محمّد ، وكلّ حرام وحلال أو حدّ أو حكم أو شيء إليه تحتاج الامّة إلى يوم القيامة مكتوب بإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّ يدي ] حتّى أرش الخدش » (٣) .
قال طلحة : كلّ شيء من صغير وكبير ، أو خاصّ أو عامّ ، كان أو يكون إلى يوم القيامة ، فهو عندك مكتوب ؟ !
قال : « نعم ، وسوى ذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أسرّ إليّ في مرضه مفتاح ألف باب [ من العلم يفتح من كلّ باب ألف باب ] ولو أنّ الامّة منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله اتّبعوني وأطاعوني ، لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم » .
إلى أن قال : ثمّ قال طلحة : لا أراك - يا أبا الحسن - أجبتني عمّا سألتك عنه من أمر القرآن ، ألا تظهره للنّاس ؟ قال : « يا طلحة ، عمدا كففت عن جوابك » .
__________________
(١) الاستيعاب - المطبوع بهامش الاصابة ٢ : ٢٥٣.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٤.
(٣) الأرش : دية الجراحات.