قال : فأخبرني عمّا كتب عمر وعثمان ، أقرآن كلّه ، أم فيه ما ليس بقرآن ؟ قال : « يا طلحة ، بل قرآن كلّه » . قال : « إن أخذتم بما فيه نجوتم من النّار ودخلتم الجنّة ، فإنّ فيه حجّتنا وبيان حقّنا وفرض طاعتنا » . قال طلحة : حسبي إذا كان قرآنا فحسبي.
قال طلحة : فأخبرني عمّا في يديك من القرآن ، وتأويله ، وعلم الحلال والحرام ، إلى من تدفعه ، ومن صاحبه بعدك ؟ قال عليهالسلام : « إنّ الذي أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أدفعه إليه وصيّي وأولى الناس بعدي بالنّاس ابني الحسن ، ثمّ يدفعه ابني الحسن إلى ابني الحسين ، ثم يصير إلى واحد بعد واحد [ من ولد الحسين ] حتى يرد آخرهم على رسول الله صلىاللهعليهوآله حوضه [ هم مع القرآن ] لا يفارقونه والقرآن معهم لا يفارقهم » (١) .
وعن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّه جمع القرآن كلّه ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء عليهمالسلام » (٢) .
وعنه أيضا ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « ما من أحد من النّاس يقول [ إنّه ] جمع القرآن كلّه كما أنزل الله إلّا كذّاب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل الله إلّا عليّ بن أبي طالب والأئمّة من بعده عليهمالسلام » (٣) .
وممّا يؤيّد ما ذكرنا من كون القرآن مجموعا على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، بل يدلّ عليه ، أنّ اسم الكتاب لا يصحّ إطلاقه عرفا إلّا على المطالب المجتمعة المرتّبة المدوّنة في أوراق منضودة لغرض واحد ، فإذا كانت مطالب متفرّقة غير مدوّنة أو مدوّنة في أوراق متشتّتة ، لا يسمّى كتابا ، ولا شبهة أنّ الله تعالى بعد هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآله سمّى جميع ما أنزله على النبيّ صلىاللهعليهوآله كتابا بقوله في سورة البقرة التي هي أوّل ما نزلت في المدينة : ﴿ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾(٤) .
وكذا النبيّ صلىاللهعليهوآله أطلق على ما انزل عليه لفظ الكتاب على ما في كثير من الروايات المعتبرة ، بل المتواترة ، منها الرواية المتّفق عليها بين الخاصّة والعامّة من قوله صلىاللهعليهوآله : « إنّي مخلّف فيكم الثّقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي » الخبر (٥) . فإنّه نصّ في أنّه كان في ذلك الوقت
__________________
(١) الاحتجاج : ١٥٣.
(٢) بصائر الدرجات : ٢١٣ / ١.
(٣) بصائر الدرجات : ٢٣ / ٢.
(٤) البقرة : ٢ / ٢.
(٥) معاني الأخبار : ٩٠ / ١ - ٥ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٣ و١٨٧٤ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٦٢ / ٣٧٨٦ و: ٦٦٣ / ٣٧٨٨ ، مسند أحمد ٣ : ١٤ ، ١٧ و٤ : ٣٦٧ ، ٣٧١ و٥ : ١٨٢ ، ١٨٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٣٢ ، مصابيح السنة ٤ : ١٨٥ / ٤٨٠٠ و: ١٩٠ / ٤٨١٦.