حماره ، وطاف في القرية ، فلم ير فيها أحدا ، فعجب من ذلك ، وقال : ﴿أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها﴾ لا على سبيل الشكّ في القدرة ، بل على سبيل الاستبعاد بحسب العادة ، وكانت الأشجار مثمرة ، فتناول من الفاكهة التّين والعنب ، وشرب من عصير العنب ، ونام (١)﴿فَأَماتَهُ اللهُ﴾ وقبض روحه في منامه ، وأبقاه على الموت ﴿مِائَةَ عامٍ﴾
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، في حديث : « فبعث الله عزيرا نبيّا إلى أهل القرى التي أمات الله عزوجل [ أهلها ] ، ثمّ بعثهم ، وكانوا من قرى شتّى ، فهربوا فرقا من الموت فنزلوا في جوار عزير ، وكانوا مؤمنين ، وكان [ عزيز ] يختلف إليهم ويسمع كلامهم وإيمانهم فأحبّهم على ذلك وآخاهم عليه ، فغاب [ عنهم ] يوما واحدا ، ثمّ أتاهم فوجدهم صرعى موتى ، فحزن عليهم وقال : ﴿أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها﴾ تعجّبا من (٢) حيث أصابهم ، وقد ماتوا أجمعين في يوم واحد ، فأماته الله » (٣) الحديث.
وفي رواية ذكر فيها تسلّط بخت نصّر على بني إسرائيل ، وقتله إيّاهم ، وسبيه ذراريهم ، واصطفى من السّبي دانيال وعزيرا ، وهما صغيران ، وكان دانيال أسيرا في يده سبعين (٤) سنة - إلى أن قال - : « وفوّض بخت نصّر إليه امور ممالكه ، والقضاء بين النّاس ، ولم يلبث إلّا قليلا حتّى مات ، وافضي الأمر بعده إلى عزير ، فكانوا يجتمعون إليه ويستأنسون به ، ويأخذون عنه معالم دينهم ، فغيّب الله عنهم شخصه مائة عام ، ثمّ بعثه » (٥) . والظاهر أنّ المراد بالغيبة الموت.
وفي رواية القمّي والعيّاشي : عن الصادق عليهالسلام : « أنّ المارّ على القرية هو أرميا » (٦) . وعليه بعض المفسّرين من العامّة ، ثمّ أنّهم اختلفوا فقال بعضهم : إنّه أرميا بن حلقام (٧) ، وبعضهم قالوا : إنّ أرميا هو الخضر بعينه (٨) والأشهر الأقوى هو الأوّل.
وعن ( المجمع ) : عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنّ عزيرا خرج من أهله وامرأته حامل ، وله خمسون سنة ، فأماته الله مائة عام » (٩) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٧ : ٣١.
(٢) في كمال الدين وتفسير الصافي : منه.
(٣) كمال الدين : ٢٦٦ / ٢٠ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٨.
(٤) في كمال الدين وتفسير الصافي : تسعين.
(٥) كمال الدين : ١٥٧ و١٥٨ / ١٧ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٩.
(٦) تفسير القمي ١ : ٨٦ ، تفسير العياشي ١ : ٢٦٢ / ٥٧٠ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٤.
(٧) في تفسير أبي السعود : أرميا بن حلقيا.
(٨) تفسير أبي السعود ١ : ٢٥٢.
(٩) مجمع البيان ١ : ٦٤١ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٩.