عليه ، مع استجماعه شرائط نفوذ الإقرار ، من البلوغ والعقل.
وحينئذ ﴿فَلْيُمْلِلْ﴾ وليقرّر على الكاتب بدلا من المديون ﴿وَلِيُّهُ﴾ ومن إليه أموره شرعا ، من الأب والجدّ للأب ، في السّفيه الذي بلغ فاسد العقل وفي الصبيّ ، ومن الفقيه العادل ، في السّفه والجنون المنفصلين الطّارئين بعد البلوغ - على الأظهر الأشهر - ، ومن عدول المؤمنين عند فقد اولئك الأولياء ، ومن الوكيل والمترجم في غير الأضعاف المذكورة. ولا بدّ من أن يكون إملاؤهم ملتبسا ﴿بِالْعَدْلِ﴾ والتّوسّط من غير نقص ولا زيادة ولا تغيير.
﴿وَاسْتَشْهِدُوا﴾ وأحضروا لتحمّل الشّهادة على الدّين وخصوصيّاته ، عند الكتابة ﴿شَهِيدَيْنِ﴾ كائنين ﴿مِنْ رِجالِكُمْ﴾ وأهل دينكم ، من البالغين العاقلين ، فلا تقبل شهادة الصبيّ ، والكافر.
وعلى مذهبنا يعتبر فيهما أن يكونا من أهل الولاية ، فلا تقبل شهادة غيرهم. وإطلاق الشّهيد قبل تحمّل الشّهادة مجاز بعلاقة المشارفة.
وعن بعض الفضلاء : الفرق بين الشاهد والشّهيد : أنّ الشاهد بمعنى الحدوث ، والشّهيد بمعنى الثّبوت ، فإذا تحمّل الشّهادة فهو شاهد باعتبار الحدوث والتّحمّل ، فإذا (١) ثبت تحمّله زمانين أو أكثر فإنّه شهيد (٢) .
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ﴾ لإعوازهما ، أو لعلّة اخرى ﴿فَرَجُلٌ﴾ واحد ﴿وَامْرَأَتانِ﴾ كاف في الشّهادة ، وإثبات الحقّ ، حيث إنّهم يقومون مقام رجلين ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ﴾
روي في تفسيره عليهالسلام : « ممّن ترضون دينه وأمانته ، وصلاحه وعفّته ، وتيقظه في ما يشهد به ، وتحصيله وتمييزه ، فما كلّ صالح مميّز ولا محصّل ، ولا كلّ محصّل مميّز صالح ، وإنّ من عباد الله لمن هو أهل لصلاحه وعفّته ، ولو شهد لم تقبل شهادته لقلّة تمييزه » (٣) الخبر. وتخصيص الرّجل وامرأتين بالوصف - مع اعتباره في الشّاهد مطلقا - لقلّة اتّصاف النّساء به.
ثمّ بيّن سبحانه علّة اعتبار التّعدّد في النّساء بقوله : ﴿أَنْ تَضِلَ﴾ وتنسى الشّهادة ﴿إِحْداهُما﴾ ذلك توطئة لبيان العلّة الحقيقيّة ومحقّق لموضوعها ، وهي قوله : ﴿فَتُذَكِّرَ﴾ النّاسية ﴿إِحْداهُمَا الْأُخْرى﴾ لوضوح أنّه لو لا النّسيان لا يتحقّق التّذكار.
__________________
(١) في كنز العرفان : حدوث تحمله وإذا.
(٢) كنز العرفان ٢ : ٥٠.
(٣) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٧٢ / ٣٧٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨٤.