وخبر الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلُّهم ثقة فموسّع عليك حتى ترى القائم فترد عليه» (١) (١).
______________________________________________________
الكتاب والسنّة المسلّمة ، فإن كان أحدهما يشبههما تعيّن الأخذ به ، وإن لم يكن شيء منهما شبيها بالكتاب والسنّة فلا يأخذ بهما. ثم سأل ثانيا عن حكم الخبرين اللذين رواهما ثقتان ، فأجاب عليهالسلام بالتوسعة في العمل بكل منهما. والظاهر أن منشأ سؤاله الثاني هو موافقة الخبرين لعمومات الكتاب والسنّة بحيث لم يكن العرض على الكتاب والسنّة كافيا لتمييز الحجة عن اللاحجة.
فإن قلت : هذا الخبر يدل على التخيير بعد فقد المرجِّح لا على التخيير المطلق ، فمع وجود الشباهة بالكتاب والسنّة في أحدهما خاصة لم يحكم عليهالسلام بالسعة ، بل بحجية خصوص المشابه بهما.
قلت : ليس كذلك ، فإنّ دلالة الخبر على التخيير المقيّد بعدم المرجح مبنية على كون موافقة الكتاب من المرجحات ، وسيأتي من المصنف منع ذلك ، وأنّ موافقة الكتاب من وجوه تمييز الحجة عن اللاحجة ، بحيث لا مقتضي لحجية الخبر المخالف ، وحيث إنّ كلا الخبرين ـ في مفروض السؤال ـ موافق للكتاب فالمقتضي لحجيتهما موجود ، ويكون حكمه عليهالسلام بالتخيير مطلقا لا مقيّدا بفقد المرجح.
(١) دلالة هذا الخبر على التخيير ـ حتى لو فرض وجود المرجح في أحد المتعارضين ـ واضحة ، لأنّ موضوع الحكم بالتوسعة في حجية الخبرين المتعارضين هو مجيء الثقات بأحاديث تتضمّن أحكاما مختلفة يتعذر الأخذ بها ، والحكم هو التخيير في الأخذ بأيّ منهما شاء. لكن هذا التخيير الظاهري ينتهي بظهور الإمام الحجة «عليهالسلام وعجّل فرجه الشريف» ، فإذا ظهر عليهالسلام ارتفع هذا الحكم الظاهري كسائر الأحكام الظاهرية ، فإنّه يحكم بالواقع وببطون القرآن.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤١ ، ص ٨٧