في مرجِّحيته (١) أو حجيته (٢). لا سيّما (٣) قد ذكر
______________________________________________________
(١) هذا الضمير وضميرا «خصوصيته ، حجيته» راجعة إلى «شيء».
(٢) لا يخفى أنّ عبارته من «جعل خصوص شيء فيه جهة الإراءة» إلى هنا كانت راجعة إلى الأمر الأوّل الّذي تقدم تفصيله بقولنا : «أحدهما ان الاستدلال المزبور ... إلخ».
(٣) هذا إشارة إلى الأمر الثاني الّذي أفاده في ردِّ الوجه الأوّل على التعدي ، وحاصله : أنه ـ بعد تسليم الظهور ـ لا بدّ من رفع اليد عنه ، لاحتفافه بما يمنعه عن الحجية.
توضيحه : أنّ الترجيح بالصفات الثلاث ـ وهي الأورعية والأفقهية والأعدلية المذكورة مع الأصدقية والأوثقية ـ تعبدي ، وليس لأجل الكشف والطريقية ، وذلك لاشتراك العدالة والأعدلية والورع والأورعية في عدم الداعي إلى تعمُّد الكذب ، وفي احتمال الخطاء والنسيان ، فالترجيح بالأعدلية والأورعية ليس لأجل الكشف بل للتعبد.
نعم لو أريد بالأورعية خصوص التورُّع في القول ـ خصوصا فيما يتعلق بنقل الرواية ـ كانت كالأصدقية في كونها مقرِّبة للخبر إلى الواقع ، لكن هذا الاحتمال يندفع بإطلاق «أورعهما» الظاهر في اعتبار الأورعية في جميع أفعاله وأقواله ، لا خصوص ما يتعلق بنقل الخبر ، ويكون مرجِّحيتها حينئذ متمحضة في التعبد.
وكذلك الأفقهية التي هي أشدية استنباط الحكم واستخراجه من الأدلّة ، فإنّها لا تلازم
__________________
قوة احتمال دخل خصوصية المورد تمنع الظهور العرفي ، ولا تمنع الإشعار. فالأولى تعليل عدم الإشعار بعدم تكفل الدليل إلّا لجعل الحكم على موضوعه. وأما ملاك الجعل فبيانه أجنبي عن الجعل وشأن الجاعل ، لأنّه خارج عن حيطة التشريع ، وبيانه إخبار عن أمر خارجي أجنبي عن التشريع.
وعليه فليس مدلول الخطاب إلّا إنشاء الحكم لموضوعه من دون دلالة له على ملاكه ولا إشعار به ، وفهم الملاك أحيانا بأفهامنا القاصرة لوجوه استحسانية يكون من العلة المستنبطة التي لا عبرة بها ، لخروجها عن المدلول العرفي للخطاب.
إلّا أن يقال : إنّ إنشاء الحكم لموضوعه غير مانع عن الإشعار الّذي هو أجنبي عن الظهور العرفي المعتبر عند أبناء المحاورة ، فإنكار الإشعار مكابرة ، فالأولى منع حجيته ، لا إنكار أصله الّذي وجوده كعدمه في عدم الاعتبار.