وأما الثاني (١) فلتوقفه على عدم كون الرواية المشهورة في نفسها مما
______________________________________________________
لوثوق بالصدق لا يحصل ذلك الوثوق للعادل.
وبالجملة : فحمل الترجيح بهذه الصفات الثلاث على التعبد دون الكشف والطريقية ـ حتى يكون مانعا عن صحة التمسك بالأصدقية والأوثقية على التعدي إلى غير المرجحات المنصوصة ـ يكون بلا موجب.
(١) أي : الوجه الثاني من وجوه التعدي إلى غير المرجحات المنصوصة ، وهو الّذي تعرض له بقوله : «ولما في التعليل بأن المشهور مما لا ريب فيه ... إلخ» ، توضيح رده : أنّه يرد عليه أوّلا : أن الاستدلال المزبور لإثبات التعدِّي إلى المرجحات غير المنصوصة مبنيٌّ على إرادة الريب الإضافي من قوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» بأن يراد بالريب المنفي في الخبر المشهور الريب الموجود في الخبر الشاذ حتى يصح الاستدلال به على مرجحية كل ما يوجب قلّة الريب في الرواية. مع أنّ الأمر ليس كذلك ، لأنّ الشهرة في الصدر الأوّل كانت بمعناها اللغوي وهو الظهور ، دون معناها المصطلح عند المتأخرين ، وذلك لأن اهتمام الرّواة بإكثار ضبط رواية في أصولهم وبذل الجهد في ذلك كان موجبا للوثوق والقطع العادي بصدور تلك الرواية ، بحيث صح نفي الريب بنحو الاستغراق العرفي عنها ، ويقال : «إنّها مما لا ريب فيه» وهذا يوجب التعدي إلى كل ما يوجد الوثوق بالصدور ، لا إلى كلّ ما يوجب الأقربية إلى الواقع كما هو المطلوب. فلو سلِّم التعدي إلى المرجحات غير المنصوصة كان مورده المرجح الصدوري ، وهو أجنبي عن المدعى.
وبعبارة أخرى : لا يدور الأمر في قوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» بين نفي الريب حقيقة ـ أي بقول مطلق ـ وبين نفيه بالإضافة إلى خبر آخر فيه ريب أكثر حتى يكون تعذر إرادة المعنى الأوّل قرينة معيِّنة للثاني. والوجه في عدم الدوران : أن الغرض من الترجيح بالشهرة هو تقديم أحد الخبرين المتعارضين بالمرجِّح الصدوري ـ أي من ناحية سنده ـ على الخبر الآخر ، فمعنى قوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» أن الخبر المشهور لا ريب فيه من جهة صدوره فقط ، لكون الشهرة بمعناها اللغوي وهو الظهور ، فالخبر المشهور يصير مما لا ريب فيه من ناحية صدوره عن الإمام عليهالسلام ،