في الحكم واقعا (*) وإن لم يتحيّر فيه (١) ظاهرا ، وهو (٢) كاف في صحته قطعا. مع (٣) إمكان
______________________________________________________
وعليه فالتحيُّر في الحكم الواقعي كافٍ في صحة السؤال عن حكم مطلق المتعارضين وإن كان بينهما جمع عرفي.
مثلا إذا ورد خبران في حكم غسل الجمعة ، أحدهما ظاهر في الوجوب كقوله : «اغتسل في يوم الجمعة» والآخر أظهر في الاستحباب مثل : «ينبغي الغسل في يوم الجمعة» فإنّ قانون الجمع العرفي وإن كان مقتضيا لرفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب ، إلّا أن هذا الجمع يفيد الحكم الظاهري وهو الاستحباب ، وأمّا احتمال وجوب الغُسل واقعا فلا ينتفي بهذا التوفيق العرفي ، فإذا سأل الراوي عن حكم الخبرين المتعارضين ـ مع وجود الجمع الدلالي بينهما ـ كان سؤاله معقولا ، لأنّه أراد أن يتعلم الحكم الواقعي لغسل يوم الجمعة من جواب الإمام عليهالسلام ، ومع احتمال أن يكون الدّاعي للسؤال استعلام الحكم الواقعي ـ حتى مع وجود الجمع العرفي ـ لا وجه لجعل الأخبار العلاجية منصرفة عن موارد الجمع الدلالي ، فإنّ التحيُّر في الحكم الواقعي لا يزول بمجرد الجمع العرفي ، لاحتمال أن يكون الحكم الواقعي في الخطاب الظاهر لا الأظهر.
(١) أي : في الحكم.
(٢) يعني : والتحيُّر في الحكم الواقعي كاف في صحة السؤال.
(٣) هذا إشارة إلى الوجه الثالث ، ومحصله : أنه يمكن أن يكون عموم السؤال لموارد الجمع العرفي لأجل احتمال الراوي منع الشارع وردعه عن الجمع العرفي ، وهذا الاحتمال يوجب صحة السؤال عن موارد التوفيق العرفي وغيرها مما يتحير العرف في الجمع بين الدليلين.
فالنتيجة : أنّه لا وجه للالتزام باختصاص الترجيح والتخيير بباب تعارض الخبرين
__________________
(*) لكن هذا التخيير لا يصلح لأن يصير داعيا للسائل إلى السؤال ، ضرورة أن شيئا من المتعارضين لا يكشف عن الواقع ، حيث إن مقتضى الأخبار العلاجية هو التعبد بكونه مرادا واقعا ، لا العلم بكونه حكما واقعيا حتى يرتفع به تحير السائل في الحكم الواقعي.