فإنّ (١) المناط فيه (٢) هو تحصيلها قوّة أو فعلا (٣) ، لا الظنّ (٤) ، حتى عند العامة القائلين بحجيته مطلقا (٥) (*) ، أو بعض (٦) الخاصة القائل بها عند انسداد باب العلم بالأحكام ، فانه (٧) مطلقا عندهم ـ أو عند الانسداد عنده ـ من أفراد الحجة ،
______________________________________________________
منها ما لا يتوقّف على استفراغ الوسع وبذل الجهد.
(١) تعليل لأولويّة تبديل الظن بالحكم بالحجة عليه ، وقد عرفته آنفا.
(٢) أي : في الاجتهاد ، وضمير «تحصيلها» راجع إلى «الحجة».
(٣) قيدان للتحصيل ، نظير ما تقدم من كونهما قيدين للاستنباط في التعريف المحكي عن الزّبدة ، والأوّل كإقامة خبر الثقة التام الدلالة على حكم ، والثاني كواجديّته لملكة الاستنباط بدون تصدّيه لعملية الاستدلال.
(٤) يعني : ليس المناط في الاجتهاد تحصيل الظن بالحكم الشرعي حتى يقال في تعريفه : «استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي».
(٥) أي : سواء كان باب العلم بالأحكام مفتوحا أم منسدّا.
(٦) كالمحقق القمي «قده» القائل بحجية مطلق الظن عند انسداد باب العلم.
(٧) أي : فان الظن مطلقا عند العامة ـ أو في خصوص حال الانسداد عند بعض الخاصة ـ يكون من أفراد الحجة ، فقوله : «من أفراد الحجة» خبر قوله : «فانه» يعني : أن تعبير العامة أو الخاصة بالظن ليس لخصوصية في الظن ، بل لكونه من أفراد الحجة ، ولذا لا إشكال في كون تحصيل القطع بالحكم الشرعي من الأدلة اجتهادا أيضا.
ثم إن مقصوده «قده» من قوله : «فانه مطلقا ...» إلى آخر الفصل هو بيان صحة تعريف الاجتهاد بأنه «استفراغ الوسع لتحصيل الحجة على الحكم الشرعي» إذ به يقع التصالح بين التعاريف المختلفة المذكورة في الكتب ، لرجوع النزاع إلى مصاديق الحجة ، دون
__________________
(*) هذه النسبة لا تخلو من تأمل ، فإنّ المعدود حجّة عند أكثرهم هو القياس ، لا خصوص ما أفاد الظن ، مضافا إلى حكاية حرمة العمل به عن بعضهم. نعم لا ريب في أن أكثر ما يستندون إليه يفيد الظن المنهي عن العمل به كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وعمل الصحابة وغيرها.