فإنّ (١) رجوعه (٢) إليه ليس من رجوع الجاهل إلى العالم (٣) ، بل (٤) إلى
______________________________________________________
الّذي هو موضوع تلك الأدلة ، ولا أقلّ من الشك في حجية رأيه على الغير ، والمرجع فيه أصالة عدم الحجية.
وأمّا الوجه الثاني فحاصله : أنه ـ بعد الغض عن عدم صدق «العالم» على المجتهد الانسدادي ـ يرد عليه إشكال آخر ، وهو : أنّ مقتضى مقدمات الانسداد حجية الظن على نفس المجتهد دون غيره ، لأنّه الموضوع لها ، حيث إنّ كل حكم تابع لموضوعه ولا يسري إلى موضوع آخر ، ومن المعلوم أنّ موضوع حجية الظن الانسدادي هو المجتهد فقط الّذي انسدّ عليه باب العلم ، لتمامية مقدمات الانسداد بالنسبة إليه دون غيره ، إذ من مقدماته بطلان التقليد والاحتياط ، وبطلانهما بالنسبة إلى المجتهد الانسدادي وإن كان ثابتا ، إذ لو لا إثبات بطلانهما لما صار انسداديا ، إلّا أنّ بطلانهما بالنسبة إلى الجاهل غير ثابت ، لإمكان تقليد مجتهد يرى انفتاح باب العلم أو العلمي.
ولو فرض انحصار المجتهد في المجتهد الانسدادي فعلى الجاهل العمل بالاحتياط إن لم يستلزم اختلال المعاش ، وإلّا فعليه التبعيض في الاحتياط بحيث لا يلزم منه الاختلال وإن لزم منه العسر.
نعم إذا تمكّن الجاهل من إبطال الاحتياط العسري ـ بإثبات ـ حكومة أدلّة العسر على هذا الاحتياط الناشئ من الجهل بالأحكام ، كحكومتها على نفس الأحكام الملقية في العسر ـ كان الظن حينئذ حجة على هذا الجاهل كحجيته في حق نفس المجتهد الانسدادي. لكن دون إثباته للجاهل خرط القتاد.
(١) تعليل لقوله : «في غاية الإشكال» وهذا إشارة إلى أوّل الوجهين على عدم جواز الرجوع إلى المجتهد الانسدادي القائل بالحكومة ، وقد تقدم توضيحه بقولنا : «أمّا الوجه الأوّل فتوضيحه : أنّ المجتهد الانسدادي ... إلخ».
(٢) أي : رجوع الغير ـ وهو الجاهل ـ إلى المجتهد المطلق الانسدادي.
(٣) حتى يكون هذا الرجوع جائزا بمقتضى أدلة جواز التقليد.
(٤) أي : بل يكون هذا الرجوع من رجوع الجاهل إلى الجاهل ، فإنّ الانسدادي يعترف بعدم علمه بالأحكام ، إذ لا طريق له إليها من العلم والعلمي.