.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وقد أوضح المحقق المشكيني «قده» كلام الماتن بقوله : «وحاصله : منع كون موضوع الأدلّة العالم بالحكم الفرعي ، بل مطلق العالم بالحكم فرعيّا أو أصوليّا ، وفي الفرض يكون الثاني محقّقا ...» (١).
والظاهر عدم وفاء هذا البيان بما رامه المصنف «قده» لوجهين :
أحدهما : أنّ مجرّد علم المجتهد بالحكم الأصولي ـ أي الحجية ـ لا يوجب أهليّته لرجوع العامي إليه ما لم تكن حجية الأمارات شاملة له أيضا ، إذ بدون هذه الضميمة لا ينفع العلم بالحكم الأصولي إلّا لصحّة عمل المجتهد ، ولا كلام فيه ، والإشكال كلّه في جواز رجوع العامي إليه ، وهو لا يندفع إلّا بما أفاده المحقق الأصفهاني «قده» من عدم اختصاص أدلة حجية الأمارات بالمجتهد ، بل تعمّ المقلّد أيضا وإن لم يكن المقلّد أهلا للاستفادة منها.
ثانيهما : أنّ مقصود المصنف من قوله : «قلت : نعم ...» إبداء الفرق بين المجتهد الانفتاحي والانسدادي الكشفي ، ولو كان مقصوده كفاية علم المجتهد بالحكم الأصولي في صحة رجوع العامي إليه لا تنقض بأنّ الانسدادي ـ على الكشف ـ له الحجة الشرعية على الحكم ، ومقتضاها علمه بالحكم الظاهري ، وحينئذ فهو أولى بالرجوع إليه من المجتهد الانفتاحي الّذي لا علم له بالحكم لا واقعا ولا ظاهرا. ولا يندفع هذا الإشكال إلّا بما تقدّم من أنّ علم الانسدادي بالحكم الظاهري مختص به ، بخلاف علم الانفتاحي بحجية الحجج ، فإنّه يعمّ المقلّد أيضا.
وكيف كان فقد أورد المحقق الأصفهاني على الماتن بالنقض والحل ، قال : «والجواب ـ بعد النقض بالاستصحاب المتقوّم باليقين والشك القائمين بالمجتهد مع انه لم يستشكل فيه ـ هو : أنّ المقدمات تقتضي حجية الظن المتعلّق بالحكم ، فإذا تعلّق الظنّ بحكم الغير وكان على طبقه حكم مماثل مجعول ، فلا مانع من شمول أدلة التقليد له ، ومع تماميّة المقدمات بالإضافة إلى هذا الظن لا موجب لعدم حجيّته ، والاقتصار على الظن المتعلّق بحكم نفسه ملاحظة قيام الظن به ، فإنّ قيامه به لا يقتضي عدم كونه حجة على حكم الله تعالى في حق الغير» (٢).
أقول : يبتني هذا الإشكال على دخل مقدمات الانسداد في حجية الظن كشفا بنحو الحيثية التعليليّة ، إذ عليه يمكن تسريتها إلى المقلّد بمعونة أدلة التقليد ، وأمّا إذا كانت دخيلة فيه بنحو الحيثية التقييدية فاللازم الاقتصار في حجية الظن كشفا على من تمت المقدمات عنده ، ولا تجدي أدلة
__________________
(١) كفاية الأصول المحشّاة بحاشية المحقق المشكيني ، ٢ ـ ٤٢٥
(٢) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٩٣