وهو (١) وإن كان محلّ الخلاف بين الأعلام ، إلّا أنّه لا ينبغي الارتياب فيه (٢) حيث (٣) كان أبواب الفقه مختلفة مدركا ، والمدارك (٤) متفاوتة سهولة
______________________________________________________
الثاني : حكم العقل الضروري بإمكان التجزي ، لتوقف الاجتهاد المطلق عليه توقف ذي المقدمة على مقدمته الوجودية ، حيث إنّ ملكة استنباط جميع الأحكام لا تحصل إلّا تدريجا ، وإلّا يلزم الطفرة ، وذلك محال ، فلا بد من مسبوقية الاجتهاد المطلق بالتجزي كما هو واضح.
وبهذا أثبت المصنف إمكان التجزّي وقوعا ، ثم تصدى لذكر وجهين من أدلة المانعين وردّهما ، وسيأتي بيانهما.
(١) أي : أنّ إمكان التجزّي محل الخلاف بين الأعلام ، قال في المعالم : «قد اختلف الناس في قبوله ـ أي الاجتهاد ـ للتجزية بمعنى جريانه في بعض المسائل دون بعض ، وذلك بأن يحصل للعالم ما هو مناط الاجتهاد في بعض المسائل فقط ، فله حينئذ أن يجتهد فيها ، أولا؟ ذهب العلامة في التهذيب والشهيد في الذكرى والدروس ووالدي «ره» في جملة من كتبه وجمع من العامة إلى الأوّل ، وصار قوم إلى الثاني» (١).
(٢) أي : في إمكان التجزي ، وضمير «أنه» للشأن.
(٣) تعليل لقوله : «لا ينبغي» وهذا هو الوجه الأوّل المتقدّم بقولنا : «الأوّل : شهادة الوجدان بإمكان التجزي» وقد عرفت ابتناءه على مقدمتين :
إحداهما : اختلاف مدارك الأحكام وعدم كونها من سنخ واحد ، فبعضها عقلي ، ومورده الأحكام المبتنية على قاعدة الملازمة والاستلزامات العقلية ، مثل مسألة مقدمة الواجب واجتماع الأمر والنهي وغيرهما ، وبعضها نقليّ ، ومورده غالب الأحكام المستنبطة من الكتاب والسنة ، وهي متفاوتة سهولة وصعوبة.
ثانيتهما : تفاوت الأشخاص في الاطلاع على مدارك الأحكام كثرة وقلّة.
ونتيجة هاتين المقدمتين اقتدار بعض الأشخاص على استنباط بعض الأحكام دون بعضها الآخر ، وهذا هو التجزي.
(٤) هذه الجملة مبيّنة لقوله : «مختلفة مدركا» وليست إشارة إلى أمر آخر ، إذ اختلاف
__________________
(١) معالم الأصول ، ص ٢٣٢