وصعوبة عقلية ونقلية ، مع (١) اختلاف الأشخاص في الاطلاع عليها ، وفي طول (٢) الباع وقصوره بالنسبة إليها ، فربّ شخص كثير الاطلاع وطويل الباع في مدرك باب بمهارته (٣) في النقليات أو العقليات (٤) ، وليس (٥) كذلك في آخر ، لعدم (٦) مهارته فيها وابتنائه عليها. وهذا (٧) بالضرورة ربما يوجب
______________________________________________________
المدارك محصور في تفاوتها بالسهولة والصعوبة ، وكون بعضها عقليا وبعضها نقليا ، وليس غير هذين التفاوتين تفاوتا آخر حتى يكون مطويا في قوله : «مختلفة مدركا» ولا يكون مندرجا في قوله : «والمدارك متفاوتة».
(١) هذا إشارة إلى المقدمة الثانية التي يبتني الدليل الأوّل على إمكان التجزي عليها.
(٢) معطوف على «في الاطلاع» وضميرا «عليها ، إليها» راجعان إلى المدارك.
(٣) متعلق بـ «كثير الاطلاع» يعني : أنّ سبب كثرة اطّلاعه وطول باعه هو مهارته في النقليات من الإحاطة بالأخبار وتتبعه فيها وفي أقوال الفقهاء ، وتنقيح المسائل الأصولية المتعلقة بها من حجية الخبر الواحد ، واعتبار ظواهر الألفاظ ، ومسألة تخصيص العام بالمنفصل أو المتصل ، وحمل المطلق على المقيد ، وتأسيس الأصل في تعارض الخبرين ، وما يتعلق به من انقلاب النسبة إذا تعددت الخصوصات ، وغير ذلك مما يتعلّق باستنباط الأحكام من الكتاب والسنة.
(٤) كمسألة مقدمة الواجب والضد واجتماع الأمر والنهي ، واقتضاء النهي للفساد ، وقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ودفع الضرر المحتمل ، وغير ذلك.
(٥) يعني : وليس ذلك الشخص ـ الماهر في النقليات ـ كثير الاطّلاع وطويل الباع في مدرك باب آخر.
(٦) تعليل لقوله : «وليس كذلك» أي : لعدم مهارة ذلك الشخص في العقليات أو النقليات ، والمفروض ابتناء ذلك الباب على العقليات أو النقليات ، فقوله : «وابتناؤه» معطوف على «عدم مهارته» يعني : ولابتناء ذلك الباب على النقليات أو العقليات.
(٧) هذه نتيجة الدليل الأوّل ، فاختلاف المدارك والأشخاص يوجب التجزي في ملكة الاجتهاد.