حصول القدرة على الاستنباط في بعضها (١) ، لسهولة مدركه ، أو لمهارة الشخص فيه (٢) مع صعوبته مع عدم القدرة على ما ليس كذلك (٣). بل يستحيل (٤) حصول اجتهاد مطلق عادة (٥) غير مسبوق بالتجزي ،
______________________________________________________
(١) أي : بعض أبواب الفقه ، وضمير «مدركه» راجع إلى «بعضها».
(٢) أي : يكون التجزّي لأجل مهارة الشخص في مدرك بعض أبواب الفقه وإن كان ذلك المدرك صعبا. وعليه فالتجزي لا يكون في خصوص الأحكام التي تكون مداركها واضحة ، بل قد يكون في المدارك الصعبة ، فيستنبط المتجزّي الحكم الشرعي لأجل مهارته وتضلّعه في المستند ، كما إذا كانت المسألة من المعاملات المبتنية غالبا على معرفة عدّة من القواعد العامة ، وقد أتقنها المتجزي ، وهو مع ذلك عاجز عن استنباط أحكام العبادات من جهة كثرة أخبارها وتعارضها ، وعدم تمكنه من علاجه بالجمع بينها.
(٣) أي : مع عدم قدرة المجتهد على استنباط بعض أبواب الفقه مما ليس مدركه سهلا مع عدم مهارته فيه.
(٤) هذا هو الوجه الثاني الدالّ على إمكان التجزي ، بل يدلّ على وقوعه خارجا ، ببيان : أنّه لا إشكال في وجود المجتهد المطلق خارجا كما تقدم في المقام الأوّل ، والمفروض أن وجوده متوقف على كونه متجزيا أوّلا ، ثم يقتدر تدريجا على استنباط جميع الأحكام أو معظمها ، فلا بد من وجود المتجزّي خارجا ثم صيرورته مطلقا. وقد تقدم توضيح هذا الوجه بقولنا : «الثاني حكم العقل الضروري بإمكان التجزي ...».
(٥) هذا الدليل يتضمن عقدين أحدهما إثباتي ، وهو : أن حصول ملكة مطلقة بدون سبقها بالملكة المتجزّية محال عادي ، والثاني سلبي ، وهو : أن حصول ملكة مطلقة غير مسبوقة بالتجزي ليس محالا عقليا. أمّا العقد السلبي فلأنّ حصول الاجتهاد المطلق غير المسبوق بالتجزي ليس من المحالات الأوّليّة كاجتماع الضدين والمثلين والنقيضين ، فإنّ المسائل الفقهية في عرض واحد ، ولا تقدّم لبعضها رتبة على بعض آخر حتى يكون التمكن من استنباط بعضها مقدّمة للقدرة على استنباط بعضها الآخر ، ويستحيل تحقق الاجتهاد المطلق بدون سبق التجزي كاستحالة وجود ذي المقدمة بدون وجود مقدمته ، مع