.................................................................................................
______________________________________________________
وبيان وجه عدم الكفاية : أن مدلولي الحاكم والمحكوم متنافيان ، والرافع لهذا التنافي هو الشرح والنّظر والتعرض المتقوِّم بها الحكومة ، وإنما يتحقق النّظر إذا كان الدليل الحاكم بمدلوله اللفظي حاكيا عن حال موضوع الدليل المحكوم سعة وضيقا ، ومفسِّرا له ، ومبيِّنا لكمية ما يراد منه.
هذا بحسب الكبرى. وأما تطبيقه على المقام ببيان انتفاء ضابط الحكومة بين الأمارة والأصل ، فتوضيحه : أن الشارع جعل الأمارة حجة في ظرف الجهل بالواقع ، وحكم بعدم الاعتناء باحتمال مخالفته للواقع ، وحجية الأمارة في هذه الحال حكم مستقل غير متفرع على جعل أصالة الحل في ما اشتبهت حليته وحرمته ، ومعنى حجية الأمارة ـ حسب الفرض ـ إلقاء احتمال خلاف ما أخبر به العادل أو الثقة ، ومعنى هذا الإلقاء هو عدم ترتيب الحكم المجعول لاحتمال الخلاف عليه. لكن دلالة الأمارة على نفي حكم الاحتمال إنما هو بمقتضى دلالته الالتزامية الثابتة في دليل الأصل أيضا ، لأن دليل الأصل مثل «كل شيء لك حلال» يدل أيضا على انتفاء غير الحلية من الأحكام ، فان الدليل على ثبوت حكم خاص يدل على انتفاء ما ينافي ذلك الحكم ، فتقع المعارضة بين الدلالتين لا الحكومة.
فان قلت : الأمارة ناظرة إلى الأصل العملي ومتعرضة لحكم مورده ، وذلك لأنّه إذا أخبر العادل بحرمة شرب التتن مثلا ، فمدلوله المطابقي هو حرمة شربه ، ومدلوله الالتزامي اللفظي هو نفي ما عدا الحرمة ـ أعني الحلية الظاهرية التي هي مفاد الأصل ـ الثابتة لموضوعها وهو الشرب المشكوك في حكمه الواقعي. وهذه الدلالة منتفية في جانب دليل الأصل ، فان خلاف الحلية الظاهرية في موضوعها هو الحرمة الظاهرية أو عدم الحلية الظاهرية ، وإلغاؤها لا ربط له بإلغاء حرمة شرب التتن المترتبة على ذات الشرب لا على المحتمل.
قلت أوّلا : ان النّظر المعتبر في الدليل الحاكم عند شيخنا الأعظم «قده» هو الدلالة اللفظية التي يعبر عنها بالشرح والتفسير ، والنّظر بهذا المعنى مفقود في الأمارات. ففرق بين تعرض أحد الدليلين لذات مدلول الآخر وبين تعرضه له بما هو مدلوله ، والرافع للمنافاة ـ المسمى بالحاكم ـ هو الثاني لا الأول ، والمفروض أن الأمارة لا بمدلولها ولا