ضرورة (١) سبقه عليه ،
______________________________________________________
وحاصله : أنّ التقليد إن كان عبارة عن نفس العمل المستند إلى فتوى المجتهد ـ دون الأخذ ـ لزم صدور أوّل الأعمال بلا تقليد ، مع أنّ اللازم وقوع العمل عن تقليد ، وهذا يتوقف على تقدم التقليد رتبة على العمل ، فإنّه يقابل الاجتهاد ، فكما أنّ الاجتهاد سابق على العمل ، إذ المجتهد يستنبط الحكم المتعلق بعمل نفسه ثم يعمل به ، فكذا التقليد لا بد أن يتقدّم على العمل ، فالاجتهاد هو أخذ الحكم عن مدركه ، والتقليد أخذ الحكم عن الغير ، لا عن مدركه ، وحينئذ يقال : إن العمل الكذائي وقع عن تقليد أو عن اجتهاد ، فلا مناص من تقدّمهما على العمل.
ولو كان تحقّق التقليد خارجا متوقفا على العمل برأي المجتهد لزم صدور أوّل الأعمال من غير تقليد ، إذ المفروض عدم كونه مسبوقا بالتقليد الّذي هو العمل ، مع أنّ صحة العمل منوطة بصدوره عن تقليد ، كالعمل الصادر عن اجتهاد متقدّم على العمل ، فلا بد للعامي أوّلا من التقليد أي الأخذ ثم العمل ، ليكون عمله عن حجة ، وعليه فبطل تفسيره بالعمل (*).
(١) أي : ضرورة سبق التقليد على العمل ، وهذا تعليل لقوله : «لا وجه» وقد عرفت
__________________
(*) ويترتب على كون التقليد العمل المستند إلى فتوى مجتهد أمران :
الأوّل : عدم صدق التقليد فيما لم يتفق له العمل ، بناء على عدم جواز الرجوع عن مجتهد إلى مساويه بعد التقليد ، فيجوز الرجوع إلى الثاني ، لعدم تحقق العمل المستند إلى فتوى الأوّل حتى يحرم العدول عنه.
الثاني : عدم صدق البقاء على تقليد الميت فيما لم يتفق له العمل في حياة مجتهده ، فلا يجوز له العمل بفتواه بعد موته ، بناء على جواز تقليد الميت بقاء ، إذ المفروض عدم العمل به في حال حياته حتى يصدق عليه التقليد البقائي ، ويصير موضوعا لجواز البقاء. بخلاف ما إذا كان التقليد الالتزام ، فإنّه لا يجوز العدول إلى المساوي ، ويجوز البقاء على تقليد الميت ، لتحقق التقليد في الصورتين.
وأنت خبير بأن مفهوم التقليد واحد في جميع الموارد ، ولا داعي إلى التفكيك بين الموارد وجعل التقليد في بعضها العمل ، وفي بعضها الآخر الالتزام كمسألتي البقاء والعدول من الحي إلى الحي كما مرّ.