أنّ جواز (١) التقليد ورجوع (٢) الجاهل إلى العالم في الجملة (٣) يكون بديهيّا
______________________________________________________
العامي إحراز جواز التقليد أوّلا ، ثم الرجوع إلى فتاوى المجتهد من أوّل الفقه إلى آخره ، فلو توقف علم العامي بجواز تقليد الفقيه على تقليده له في مسألة جواز التقليد كان دورا باطلا.
وإن ثبت جواز الرجوع إلى مجتهد معيّن بفتوى فقيه آخر بجواز رجوع العامي إلى المجتهد ، فتقليد المجتهد الأوّل وإن لم يكن دوريا ، إلّا أنّ فيه محذور التسلسل ، لأنّ جواز الرجوع إلى المجتهد الثاني لا بد أن يكون بحجة معتبرة ، فإن كانت هي فتوى نفسه بجواز التقليد عاد محذور الدور ، وإن كانت فتوى مجتهد ثالث بجواز التقليد لزم التسلسل ، لأنّ جواز الرجوع إلى المجتهد الثالث يتوقّف على تقليد مجتهد رابع في مسألة جواز التقليد ، وهكذا.
وحيث تعذر استدلال العامي على جواز الرجوع إلى الفقيه ـ لمحذور الخلف على تقدير ، والدور على تقدير آخر ، والتسلسل على تقدير ثالث ـ فلا مناص من الالتزام بأحد أمرين ، إمّا إنكار علم العامي بجواز رجوعه إلى المجتهد ، وهو مساوق لإنكار البديهي ، وإمّا تسليم أنّ جواز التقليد في الجملة يكون من المستقلات العقلية والضرورات الفطرية ، وهو المطلوب.
هذا توضيح المقام الأوّل. وأمّا المقام الثاني فسيأتي.
(١) بمعناه الأعم الشامل للوجوب في قبال القول بحرمة التقليد ، والقائل بالحرمة طائفتان : إحداهما : بعض قدماء الأصحاب وفقهاء حلب ، على ما أفاده الشهيد (قدسسره) ، وثانيتهما : جمع من أصحابنا المحدثين. وسيأتي نقل بعض عبائرهم في (ص ٥٢٦).
(٢) معطوف على «التقليد» ومفسّر له.
(٣) قيد لأصل كون رجوع الجاهل إلى العالم بديهيّا غنيّا عن الطلب والكسب بالمقدمات ، والمقصود بقوله : «في الجملة» إثبات فطريّة جواز رجوع الجاهل إلى العالم في ظرف اجتماع الشرائط في المجتهد ، فلا يكون الرجوع إلى الفاسق أو المتجزي أو