ويكون (١) مفاده في الأمارة نفي حكم الأصل ، حيث (٢) إنه حكم
______________________________________________________
شيء واقعا وحليته ظاهرا على ما تقرر في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
وعليه ، فدليل وجوب التصديق في طرف الأمارة يدل بالالتزام على إلغاء مفاد الأصل ، ولا يدل في طرف الأصل على إلغاء مفاد الأمارة ، وحيث إن هذه الدلالة التزامية لفظية مأخوذة من اقتضاء نفس عنوان التصديق فيؤخذ بها وتتحقق الحكومة المتوقفة على نظر الحاكم بمدلوله اللفظي ـ ولو بالالتزام ـ إلى المحكوم.
والظاهر أن الالتزام بحكومة الأمارة على الأصل مبني على أمرين ، أحدهما : كفاية تعرّض الحاكم بمدلوله اللفظي ـ ولو بدلالته الالتزامية اللفظية ـ للدليل الآخر ، دون العكس. وعدم توقف الحكومة على وجود كلمة «أعني» وأشباهها من أدوات الشرح والتفسير ، لأن المهم هو التعرض بالدلالة اللفظية ، والمفروض تحققها في المقام ، فان الدلالة الالتزامية تكون من أقسام الدلالة اللفظية لا العقلية.
ثانيهما : كون الحجية في الأمارات من باب تتميم الكشف وإلغاء احتمال الخلاف ، لا على مبنى تنزيل المؤدى منزلة الواقع وجعل الحكم المماثل ، ولا على مبنى جعل الحجية. لكن إثبات مبنى تتميم الكشف وجعل الظن منزلة العلم بنظر المصنف «قده» مشكل.
(١) بالنصب معطوف على «يختلف» ومفسّر له ، وضمير «مفاده» راجع إلى «دليل الاعتبار» وقد عرفت مفاد دليل الاعتبار في كل من الأمارة والأصل ، وأن مفاد دليل اعتبار الأمارة ـ بناء على كونه إلغاء احتمال الخلاف ـ ينفي الاحتمال الّذي هو موضوع الأصل ، فيكون حاكما عليه كما ذهب إليه الشيخ «قده».
(٢) يعني : حيث إن حكم الأصل كالحلية حكم احتمال الحرمة ، وغرضه من هذه العبارة بيان كون مفاد دليل الاعتبار في الأمارة نفي حكم الأصل كالحلية. توضيحه : أن إلغاء احتمال خلاف الحرمة ـ التي هي قضية الأمارة ـ أعني به الحل الّذي هو مفاد الأصل يوجب انتفاء احتمال الحرمة الّذي هو موضوع أصالة الحل. بخلاف مفاد دليل الاعتبار في الأصل ، فانه لا يكون مفاده فيه نفي حكم الأمارة أعني الحرمة واقعا حتّى يلغى احتمالها ، بل مفاده في الأصل نفي احتمال كون الحكم الظاهري في محتمل الحرمة واقعا غير حلّيّته كإيجاب الاحتياط. وهذا الدليل لا ينفي ما تقتضيه الأمارة من حرمة الشيء