.................................................................................................
______________________________________________________
المتواترة إجمالا. واختار المصنف (قده) دلالة السنة على جواز التقليد ، وناقش في دلالة الآيتين بوجه مشترك ، وخصّ آية السؤال بمناقشة ثانية ، وسيأتي بيان لكل (إن شاء الله تعالى) بعد تقريب الاستدلال بهما ، فنقول وبه نستعين :
أمّا آية النفر فقد تقدم في بحث الخبر الواحد تقريب الاستدلال بها على حجيته بوجوه أربعة تعرّض لثلاثة منها في المتن ، ولرابعها في حاشية الرسائل ، فراجع هناك.
وتقريب الاستدلال بالآية الشريفة على حجية الفتوى يتضح ببيان أمرين :
الأوّل : أن كلمة «لو لا» التحضيضية الداخلة على الفعل الماضي تدل على التوبيخ على ترك الفعل ، فهي إن لم تدل على وجوب ذلك الفعل بالوضع ، فلا أقل من دلالتها عليه بالإطلاق ، كما هو أحد الأقوال في دلالة صيغة «افعل» على الوجوب عند عدم الترخيص في الترك ، وحينئذ فهنا وجوبات مترتبة وهي النفر والتفقه والإنذار والتحذر.
الثاني : أن هذه الآية أدلّ على حجية فتوى الفقيه من دلالتها على حجية الخبر ، لظهورها في موضوعية الفقاهة ودخلها في الحجية ، مع أنّ المناط في قبول الخبر إمّا هو العدالة أو الوثاقة سواء كان الراوي عالما بشيء من أحكام الدين أم لا ، وقد ورد عنهم (عليهمالسلام) : «... فربّ حامل فقه غير فقيه وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه» كما في صحيح ابن أبي يعفور أو موثقة (١). وعليه فحجية قول المنذر الفقيه لا تنطبق إلّا على المفتي.
وبعد بيان هذين الأمرين نقول : إنّ الآية المباركة تدل على وجوب النفر وعلى وجوب التفقه والإنذار اللذين هما غاية تدعو إلى الأمر بالنفر ، وتدل على عدم كون وجوبهما نفسيا ، بل لمحبوبية التحذر والعمل ، فالمستفاد من الآية المباركة وجوب التحذر عقيب إنذار الفقيه مطلقا سواء حصل العلم للمنذر ـ بالفتح ـ من الإنذار أم لا. والمراد بالحذر هو العمل ، لا الخوف النفسانيّ فقط ، ومعناه التحفظ عن الوقوع في المخاوف والمهالك ، فان فتوى الفقيه بالحكم الإلزاميّ إخبار عن ترتب العقاب عليه مطابقة أو التزاما ، لما فيه من اقتضاء الخوف واحتمال الضرر عادة ، ولا يكون إخبار الفقيه مقتضيا للخوف إلّا إذا كان حجة ، إذ لو لا حجيته كان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مؤمّنا ، فتسمية إخبار المجتهد إنذارا إنّما هو لاقتضائه الخوف عادة ، ولا مؤمّن منه إلّا العمل بما أنذر به الفقيه ، وهو معنى
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤٣ ، ص ٦٣