على جواز (١) ، لقوّة (٢) احتمال أن يكون الإرجاع لتحصيل العلم ، لا الأخذ
______________________________________________________
حجية فتواه على العامي.
وأمّا آية السؤال ، فتقريب دلالتها على حجية الفتوى منوط بالإشارة إلى أمرين :
أحدهما : أن المطلوب في هذه الآية الشريفة وجوب السؤال على العامي الجاهل حتى يعلم بالجواب ، لا بأمر زائد عليه أعني نفس الواقع ، فلا يعتبر في وجوب السؤال مقدمة لحصول العلم إلّا العلم بنفس الجواب ، وهذا ينطبق على قبول حجية فتوى الفقيه تعبدا للعمل بها.
ثانيهما : أنّ إرجاع عوام أهل الكتاب إلى علمائهم في هذه الآية الشريفة ـ بناء على ظهورها السياقي ـ يكون جاريا مجرى الطريقة العقلائية من إرجاع الجاهل إلى العالم ، ولا خصوصية لعلماء أهل الكتاب حتى يدّعى أجنبية الآية عن باب التقليد.
وبوضوح الأمرين تعرف دلالة هذه الكريمة على حجية فتوى المجتهد ، لأنّ الأمر بالسؤال يدل على وجوب السؤال عند الجهل ، ووجوبه يدل على وجوب القبول بالملازمة ، وإلّا يلزم لغوية السؤال ، ومن المعلوم أن السؤال مقدمة للعمل ، فكأنه قيل : «اسألوا أهل الذّكر حتى تعلموا بما يجيبون» إذ لا أثر للسؤال نفسه لكونه لغوا ، فلا مصحّح للأمر به إن لم يكن مقدمة للعمل ، والرجوع إلى العالم هو التقليد.
وليعلم أنّ صاحب القوانين (قده) استدلّ بهاتين الآيتين على جواز التقليد ، وتبعه غيره ، فقال في جملة كلامه : «فان آية النفر تدل على أنّ البعيدين عن ساحة الشارع ومن يقوم مقامه لا بد أن يحصلوا حكمهم النّفس الأمري بالأخذ عن النافرين إمّا علما أو ظنا». وقال في ردّ مقالة بعض الأصحاب من وجوب الاستدلال على العوام ما لفظه : «ويدل عليه ـ أي على عدم وجوب النّظر والاستدلال غير الإجماع الّذي ادعاه الشهيد في الذكرى ـ أيضا عموم قوله تعالى : فاسألوا أهل الذّكر ان كنتم لا تعلمون».
(١) أي : جواز التقليد.
(٢) تعليل لقوله : «فلعدم» وهذا الاحتمال القوي جعله المصنف في باب الخبر الواحد ظاهر الآيتين. والمفاد واحد ، فإنّ الظاهر أيضا لا ينتفي معه الاحتمال الموهوم.