.................................................................................................
______________________________________________________
الرّواة ، ومن المعلوم انطباقه على الفقهاء والمجتهدين في عصر الغيبة.
ومنها : خبر أحمد بن حاتم بن ماهويه ، قال : «كتبت إليه ـ يعني أبا الحسن الثالث (عليهالسلام) ـ أسأله عمّن آخذ معالم ديني؟ وكتب أخوه أيضا بذلك. فكتب إليهما : فهمت ما ذكرتما ، فاصمدا في دينكما على كلّ مسنّ في حبّنا ، وكل كثير القدم في أمرنا ، فإنّهما كافوكما إن شاء الله تعالى» (١).
والمقصود بالمسنّ في حبهم وكثير القدم في أمرهم عليهمالسلام هو الّذي تفقه عندهم ، وظاهر الأمر بالرجوع إلى مثله قبول قوله والعمل به ، سواء أكان جواب هذا الفقيه بقراءة لفظ الحديث الصادر عنهم عليهمالسلام ، أم باجتهاده بالجمع بين خبرين أحدهما ظاهر والآخر أظهر مثلا ، أو بتطبيق قاعدة كلية متلقاة منهم عليهمالسلام على مورد السؤال ، أو غير ذلك.
والمدّعي أنه ليس في هذه الرواية قرينة على الإرجاع إلى رواية كل مسنّ في حبّهم وكل كثير القدم في أمرهم عليهمالسلام حتى تختص هذه الرواية بحجية خبر الإمامي العدل مثلا ، لوضوح الفرق بين الإرجاع إلى الفقيه بما هو فقيه في الدين ، والإرجاع إلى الفقيه بما هو راو لحديثهم كما في مثل قوله عليهالسلام : «أمّا ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليهالسلام) فلا يجوز لك أن تردّه» إذ لا منافاة بين الأمرين كي يحمل أحدهما على الآخر.
ومنها : خبر علي بن سويد السابي ، قال : «كتب إليّ أبو الحسن عليهالسلام وهو في السجن : وأمّا ما ذكرت يا علي ممّن تأخذ معالم دينك؟ لا تأخذنّ معالم دينك عن غير شيعتنا ، فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، إنّهم ائتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه ، فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته ، ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة ...» (٢).
ودلالته على المدّعى واضحة ، فإنّ الشيعي الّذي يجب أخذ معالم الدين منه هو الفقيه المتمسّك بالكتاب والسنة ، ولا يعمل بالرأي والقياس والاستحسان ، والأمر بأخذ معالم الدين من هذا الفقيه الإمامي ـ المستفاد من النهي عن الأخذ عن غير الإمامي ـ ملازم
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤٥ ، ص ١١٠
(٢) المصدر ، الحديث : ٤٢ ، ص ١٠٦