تبارك وتعالى : «ولا تقف ما ليس لك به علم» (١) وقوله تعالى : «قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون» (٢).
مع احتمال (٣) أنّ الذم إنّما كان على تقليدهم للجاهل ، أو في الأصول الاعتقادية التي لا بدّ فيها من اليقين (٤).
______________________________________________________
(١) هذه الآية من العمومات الناهية عن متابعة غير العلم سواء أكان في الأحكام الفرعية أم غيرها.
(٢) هذه الآية من العمومات الذامة على مطلق متابعة الغير سواء في الأحكام الفرعية وغيرها.
(٣) هذا هو الوجه المختص بالدليل الثاني ، ومقصود المصنف من إبداء هذا الاحتمال ـ المصادم للظهور ، لا مطلق الاحتمال ، وإلّا فهو موجود في كل ظاهر ـ دعوى خروج تقليد الجاهل للمجتهد عن أدلّة الذم على التقليد تخصصا ، ولا حاجة إلى الجواب الأوّل وهو تخصيص العموم. والوجه في هذا التخصيص : أنّ موضوع جواز التقليد هو رجوع الجاهل بالأحكام الفرعية إلى العالم بها ، ومن المعلوم أنّ الذّم على تقليد الجاهل للجاهل ـ أو الذم على رجوع الجاهل بالاعتقاديات إلى العالم بها ـ أجنبي عن المقام ، لتعدد الموضوع الموجب لتعدد الحكم.
والحاصل : أنّ التقليد الّذي يتوافق الشرع والعقل على مذموميته هو الاتباع والانقياد لكل أحد ، فإن الإنسان أشرف مقاما وأجل شأنا من أن يميل مع كل ريح تذهب به يمينا وشمالا ، فإنّ له عقلا يرشده إلى الخير والصلاح ، فالاتباع المطلق مذموم وقبيح عقلا وشرعا ، ولا كلام فيه.
ولكن التقليد المبحوث عنه في المقام خارج عن إطار هذا الانقياد المذموم ، وذلك لأنّه بمعنى رجوع الجاهل إلى العالم ، وهو مما استقرت عليه سيرة العقلاء في جميع أمورهم وشئونهم مرّ الدهور والأعوام ، استنادا إلى استقلال عقل كل واحد منهم ببداهته ، ومع هذه الجهة المرجحة لا يكون متابعة قول أهل الخبرة مذمومة بنظر العقل قطعا ، بل هي أمر ممدوح مستحسن ، وبهذا ظهر اختلاف التقليد المذموم والممدوح موضوعا.
(٤) ولا يقين بالواقع في المقام وهو التقليد في الفروع. أو كان الذّم عن التقليد لأجل