اتّباع غير العلم (١) ، والذّمّ (٢) على التقليد من (٣) الآيات والروايات ، قال الله
______________________________________________________
مع غموضها ـ لاحتياجها إلى براهين فعلية ومن إبطال الدور والتسلسل وغيرهما مما يعجز عنه العامي غالبا ـ لم يشرّع فيها التقليد والأخذ بقول الغير ، فعدم تشريع التقليد في المسائل الفرعية التي لا تكون بذلك الغموض لا بد وأن يكون أولى ، فيثبت بالأولوية عدم جواز التقليد في الفروع.
هذه أدلة حرمة التقليد ، وستأتي المناقشة فيها.
(١) هذا إشارة إلى الدليل الأوّل ، كما أنّ قوله : «والذم» إشارة إلى الدليل الثاني ، وأجاب عنهما بوجه مشترك ، وخصّ الدليل الثاني بمناقشة أخرى.
أمّا الوجه المشترك فقد أشار إليه بقوله : «فيكون مخصّصا» وتوضيحه : أنّ فتوى الفقيه وإن لم تكن مفيدة للعلم بالحكم الواقعي ـ لكثرة آراء الفقهاء في مسألة واحدة ـ وغايته إفادتها للظن بالواقع ، إلّا أنّ أدلة جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم ـ من الفطرة والأخبار القطعية ـ مقدمة على هذه العمومات الناهية عن متابعة غير العلم ، وعلى الأدلّة الذامة على التقليد ، لكون النسبة بينهما العموم والخصوص المطلق ، ومقتضى حمل العام على الخاصّ ـ الّذي هو من أوضح الجموع العرفية ـ تخصيص تلك العمومات بأدلة التقليد ، فالمتحصل حينئذ جواز التقليد بلا إشكال.
وأمّا الوجه المختص بالدليل الثاني فهو : أنّ الأدلّة الذّامة على التقليد ليس لها عموم ـ من أوّل الأمر ـ ليشمل التقليد في الفروع كي يلزم تخصيصها بأدلة جواز التقليد. والوجه في عدم عمومها له : أنّ المحتمل قويّا ـ بحيث يصادم الظهور الإطلاقي ـ ورودها في موارد خاصة وهي التقليد في الاعتقاديات كالنّبوّة ، أو تقليد الجاهل ، ولا ريب في صحة الذم في هذين الموردين ، وورود الذم فيهما ـ لو لم يكن قرينة صارفة لعموم ما دلّ على ذمّ التقليد إلى خصوص الموردين ـ فلا أقلّ من صلاحيته للقرينية ومنع الإطلاق.
(٢) معطوف على «عدم» أي : لما دلّ على الذم على التقليد.
(٣) بيان للموصول في «لما دل» واقتصر المصنف على ذكر آية واحدة لكل من المضمونين ، ولم يذكر الروايات ، وقد عرفتها.