ثالثها (١) : أن قول الأفضل أقرب من غيره جزما ، فيجب الأخذ به (٢) عند المعارضة عقلا (٣).
______________________________________________________
من يدعو الناس إلى نفسه وفي المصر من هو أفضل منه ، كالمروي عن أبي عبد الله «عليهالسلام» : «فقال : يا عمرو اتّق الله ، وأنتم أيّها الرهط فاتقوا الله فإنّ أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ختّال متكلّف».
(١) أي : ثالث الوجوه المستدل بها على تعين تقليد الأعلم هو الدليل الاعتباري المؤلّف من صغرى وكبرى. أمّا الصغرى فهي : أنّ فتوى الفقيه إنما اعتبرت لكونها طريقا إلى الأحكام الواقعية ، وفتوى الأعلم أقرب إلى الواقع ، لسعة إحاطته ووفور اطلاعه على ما لا يطلع عليه غيره من المزايا والخصوصيات الدخيلة في جودة استنباطه.
وأمّا الكبرى فهي : استقلال العقل بتقديم أقرب الطرق إلى الواقع عند المعارضة ، فإنّ المفروض حجية الأمارات ـ التي منها الفتوى ـ على الطريقية ، ولا نقول بالسببيّة.
ونتيجة المقدمتين : أنه يمتنع الحكم باشتراك فتوى الفاضل والمفضول في ملاك الحجية وهو الطريقية حتى يشتركا في جواز التقليد ، فإنّ اشتراكهما فيه مساوق للتسوية بين رأي الجاهل بالخصوصية ـ الموجودة في الأعلم ـ ورأي العالم بها ، وهو كما ترى.
ثم إنّ هذا الوجه ـ كسابقيه ـ استدلّ به الشيخ الأعظم في الرسالة والتقريرات ، وأطال الكلام في التقريرات في الذّب عنه خصوصا في الموضع الثاني منها ، وسيأتي التعرض له في التعليقة. وأصل الاستدلال موجود في كلمات الأصحاب قدمائهم ومتأخّريهم.
قال في التقريرات : «وأمّا الدليل الاعتباري العقلي فهو : أنّ الظن الحاصل من قول الأعلم أقوى من قول غيره ، فيجب العمل به عينا ، لأنّ العدول من أقوى الأمارتين إلى أضعفهما غير جائز. أمّا الصغرى فوجدانية ، لأنّ لزيادة العلم تأثيرا آخر في إصابة الواقع. وأمّا الكبرى فمع إمكان دعوى الاتفاق عليها ـ كما يظهر من تتبع أقوال العلماء في تعارض الأخبار ـ يشهد بها بداهة العقل».
(٢) هذا الضمير وضمير «غيره» راجعان إلى «قول الأفضل».
(٣) قيد لـ «يجب» وهذا إشارة إلى كبرى القياس ، وإن كان بلسان النتيجة ، فكأنّ