الأفضل أقرب في نفسه (١) ، فانه (٢) لو سلّم (٣) أنّه
______________________________________________________
من حيث نفسه أي الأقربية الاقتضائية ، بمعنى أنّ شأن الأعلم أن تكون فتواه أقرب نوعا إلى الواقع من فتوى غيره ، حتّى إذا لم تكن في بعض الموارد أقرب إلى الواقع لمخالفتها للاحتياط أو للمشهور ، ففتوى المفضول إنّما تصير أقرب إلى الواقع من فتوى الأفضل لأجل قرينة خارجية ، وهي موافقتها للمشهور أو للاحتياط أو لفتوى الأعلم الميت ، وليست أقرب إلى الواقع في نفسها.
فالمتحصل : أنّ موافقة قول المفضول للمشهور أو للأفضل الميت لا توجب أقربيّته من قول الأفضل الحي. وعليه فقول الأفضل مقدّم على قول المفضول وإن كان موافقا للمشهور ونحوه مما مرّ آنفا.
والمصنف دفع هذه الدعوى بوجهين : أحدهما : أنه لا دليل على تقييد الأقربية بما ذكر ـ من كون قول الأعلم أقرب نوعا إلى الواقع ، دون فتوى المفضول التي قد تكون أقرب بمعونة قرينة خارجية وهي موافقة المشهور ونحوها ـ لأنّ حجية الفتوى كسائر الأمارات تكون من باب الطريقية لا الموضوعية ، سواء كانت الأقربية باقتضاء ذاته أم بقرينة خارجية كموافقة المشهور أو فتوى الأعلم الميّت أو نحوهما.
ثانيهما : أنّه بعد تسليم التقييد المزبور نقول : إنّه لا يجدي المستدل ، لأنّ الأقربية ـ المقيّدة بحصولها من موافقة الطريق لأمارة أخرى ـ ليست بصغرى للكبرى المدّعاة من حكم العقل بلزوم تقديم الأقرب على غيره ، ضرورة أنّ العقل لا يرى تفاوتا في تقديم الأقرب على غيره بين كون الأقربية ناشئة من خصوصية في ذات الأمارة ، وبين كونها ناشئة من الخارج كقول المفضول الّذي يصير أقرب من قول الفاضل لأجل موافقة المشهور له مثلا. هذا ما يتعلق بمنع الصغرى وأمّا منع الكبرى فسيأتي «إن شاء الله تعالى».
(١) أي : أقرب نوعا وبحسب اقتضائه ، لأنّ الأفضل أجود استنباطا ، وله زيادة بصيرة بمدرك المسألة تؤثّر في إصابة الواقع كما اعترف به المولى الأردبيلي «قده» على ما في التقريرات.
(٢) الضمير للشأن ، وهو تعليل لقوله : «ولا يصغى».
(٣) إشارة إلى الوجه الأوّل المتقدم بقولنا : «أحدهما أنه لا دليل على تقييد ...» وضمير