.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وجوب الأخذ بقول غيرهما إذا كان أقوى.
لا يقال : أنّ ما ذكرته هنا ينافي ما تقدم من أنّ الأصل في التخييرات العقليّة الأخذ بكل ما يحتمل كونه مرجحا ، فلا وجه لعدم الأخذ بما يحتمل كونه مرجحا لقول المفضول.
فانه يقال : ما ذكرناه من الأخذ بمحتمل المرجحية ـ وإن لم يقم دليل على مرجحيته ـ إنّما هو في دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، لا بين المتباينين كما في المقام.
لا يقال : بناء الأصحاب في التعادل والترجيح على ترجيح الأخبار بالمرجحات الخارجية التي لم يقم دليل على حجيتها إذا لم تكن ممّا قام الدليل الخاصّ على عدم حجيتها كالقياس ، وقول المجتهد أيضا طريق ظني للمقلد ، فما الفارق بينهما؟
فانه يقال أوّلا : إنّ ترجيح الأخبار بمطلق المرجحات من الداخلية والخارجية على القول به يستفاد من أخبار الترجيح ، ومن المعلوم فقدان مثل هذه الأخبار في المقام.
وثانيا : انّ حجية الأخبار إنّما هي لأجل إفادتها الظن في نظر العاملين بها ، وهم المجتهدون ، وحيث اعتبر نظرهم في جعل الطريق الظني اعتبر نظرهم أيضا في طلب المرجحات عند التعارض. وأمّا حجية أقوال العلماء للعوام فليست لأجل إفادتها الظن في نظر القاصرين وهم العوام ، بل لأجل غلبة مصادفتها للواقع نوعا ، فلا وجه لاعتبار نظرهم في طلب المرجحات.
والحاصل : أنّ الشارع لمّا وجد العوام قاصري النّظر في الأمور العلمية جعل لهم أقوال العلماء طريقا تعبديا باعتبار ما فيها من غلبة المطابقة للواقع ، وأمرهم بالرجوع إليهم ، من غير النّظر والفحص عن شيء ، فكأنّه صار نظرهم عند الشارع ساقطا عن الاعتبار في جميع المقامات.
الوجه الثاني : من وجوه عدم اعتبار ظنون المقلّد الحاصلة من غير الطريق الشرعي المعيّن له هو : أنّ تلك الظنون مما لا يكاد ينضبط بضابط ، فربما يحصل له الظن من قول عامي آخر أو من الرمل والجفر والنجوم ونحوها ، وربما يترجّح في نظرهم المفضول بملاحظة حسبه ونسبه واشتهاره بين العوام ، ولا سبيل إلى الاعتماد على كل ظن حاصل من غير الطريق الشرعي ، لأدائه إلى مفاسد عظيمة في هذا الدين ، فلا بد من المنع عن الاعتماد عليها مطلقا.
فالنتيجة : أنّ الظن الموجود في طرف الأعلم لا يعارضه شيء من الظنون الداخلية ، لأنّ الكلام إنّما هو بعد فرض تساوي الفاضل والمفضول في جميع الجهات غير الفضل ، فيجب اتّباعه بحكم