.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وثانيا ـ بعد تسليم بقاء الرّأي بعد الموت ـ أنّ مقتضى عموم ما دلّ على حرمة العمل بالظن على ما ثبت في محله من مرجعية العام فيما عدا القدر المتيقن من المخصص المجمل هو عدم جواز تقليد الميّت ، إذ المفروض أنّ المتيقن من المخصّص ـ أي ما دلّ على مشروعية التقليد ـ هو تقليد خصوص المجتهد الحي. وأمّا تقليد الميّت ـ بعد تسليم بقاء رأيه بعد الموت ـ فهو باق تحت عموم دليل الحرمة ، فالدليل الاجتهادي يقتضي حرمة تقليد الميّت ، ولا تصل النوبة إلى الاستصحاب.
وثالثا ـ بعد الغض عن ذلك ـ : أنّه لا يجري استصحاب الحجية أيضا ، لأنّه محكوم باستصحاب شرطية الحياة ، لتسبّب الشك في الحجية عن الشك في شرطية الحياة ، وحكومة الأصل السببي على الأصل المسببي من الواضحات. إلّا أنّه مع عموم النهي عن العمل بالظن لا تصل النوبة إلى استصحاب شرطية الحياة أيضا كما أشرنا إليه غير مرة في الأبحاث السابقة ، فجريانه منوط بالغض عن هذا العموم وإن كان موافقا له كما هو شأن الحكومة.
وفي التقريب الثالث : أنّ الحكم الظاهري متقوّم في الأدلّة الظنية التي تكون حجيتها بعناية التعبد ـ لا باقتضاء ذاتها كالقطع ـ بوجود الظن الّذي هو كحدّ الوسط في سائر الأقيسة ، وإن كان الظن ملحوظا فيها بنحو الطريقية لإثبات متعلقة بحيث يكون واسطة في الإثبات دون الثبوت ، فإنّ جميع الأمارات غير العلمية القائمة على الأحكام الشرعية كذلك ، فإذا ظنّ المجتهد من خبر الواحد مثلا بوجوب السورة ، فلا يمكن استصحاب وجوبها بعد وفاته ، لارتفاع الظن بوجوبها بالموت كما تقدم سابقا ، إلّا إذا قام دليل على كون الظن في حال الحياة علّة للحجية حدوثا وبقاء. ولكن لم نظفر إلى الآن بهذا الدليل.
هذا مع الغض عن طريقية الأمارات غير العلمية ، إذ مع النّظر إليها لا حكم أصلا ، إذ لا يترتّب على الطريقية إلّا التنجيز مع الإصابة والتعذير مع الخطاء.
وفي التقريب الرابع ـ بعد البناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية ـ : أنّ الركن الأوّل المعتبر في الاستصحاب وهو اليقين السابق مفقود هنا ، لأنّ الدليل الدال على الحكم ـ كوجوب السورة ـ ليس هو العلم حتى يحرز به الواقع ويكون معلوما كي يجري فيه الاستصحاب عند الشك في بقائه ، بل هو حكم ظاهري مستند إلى دليل تعبدي متقوّم بالظن الّذي قد انعدم بالموت ، فالإشكال على الاستصحاب بتقريبه الرابع إنّما هو من ناحية اختلال الركن الأوّل