فيها كِبْراً ، تَعَظَّم عليَّ وتؤذيني بلسانها. فقال عليهالسلام : (أمسك عليك زوجك واتق الله). وقيل : إن الله بعث ريحاً ، فرفعت الستر وزينب متفضلة (١) في منزلها ، فرأى زينب فوقعت في نفسه ، ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذلك لما جاء يطلب زيداً ، فأخبرته بذلك ، فوقع في نفس زيد أن يطلقها. وقال ابن عباس : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) الحب لها ، (وَتَخْشَى النَّاسَ) أي تستحييهم ، وقيل : تخاف وتكره لائمة المسلمين لو قلت : طلِّقْها. ويقولون : أمَرَ رجلاً بطلاق امرأته ثمّ نكحها حين طلقها. وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ في كل الأحوال. وقيل : والله أحق أن تستحي منه ، ولا تأمر زيداً بإمساك زوجته بعد أن أعلمك الله أنها ستكون زوجتك ، فعاتبه الله على جميع هذا (٢).
وكأنما شقَّ على ابن كثير نسبة كل ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال في تفسيره : ذكر ابن أبي حاتم وابن جرير هاهنا آثاراً عن بعض السلف ، أحببنا أن نضرب عنها صفحاً ، لعدم صحَّتها فلا نوردها (٣).
فهل بعد هذا كله يحق للكاتب أن يتَّهم الشيعة بأنهم يطعنون برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد كل ما رووه وقالوه في هذه القضية؟
* * *
قال الكاتب : وعن أمير المؤمنين أنه أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وعنده أبو بكر وعمر قال : (فجلستُ بينه وبين عائشة ، فقالت عائشة : ما وجدتَ إلا فخذي وفخذ رسول
__________________
(١) قال ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر ٣ / ٤٥٦ : تفضلت المرأة إذا لبست ثياب مهنتها ، أو كانت في ثوب واحد. وقال ابن منظور في لسان العرب ١١ / ٥٢٦ : الفضلة : الثياب التي تبتذل للنوم ، لأنها فضلت عن ثياب التصرف.
(٢) تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٩.
(٣) تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٩١.