في حال الغيبة فقد اختلف أقوال الشيعة في ذلك ، وليس فيه نصٌّ معيَّن ، فقال بعضهم : إنه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر ، وهذا لا يجوز العمل عليه ، لأنه ضد الاحتياط ، وتصرّف في مال الغير بغير إذن قاطع. وقال قوم : إنه يجب حفظه ما دام الإنسان حيًّا ، فإذا حضرته الوفاة وصَّى به إلى من يثق به من إخوانه ، ليُسلَّم إلى صاحب الأمر عليهالسلام إذا ظهر ، ويوصي به كما وُصِّي إليه ، إلى أن يصل إلى صاحب الأمر. وقال قوم : يجب دفنه ، لأن الأرضين تخرج كنوزها عند قيام القائم. وقال قوم : يجب أن يقسَّم الخمس ستة أقسام ، فثلاثة أقسام للإمام ، يُدفَن أو يودَع عند من يوثق بأمانته ، والثلاثة أقسام الأخر تُفرَّق على أيتام آل محمد ومساكينهم وأبناء سبيلهم ، لأنهم المستحقون لها وهم ظاهرون. وعلى هذا يجب أن يكون العمل ، لأن مستحقها ظاهر ، وإنما المتولي لقبضها أو تفرّقها [وهو الإمام عليهالسلام] ليس بظاهر ، فهو مثل الزكاة في أنه يجوز تفرّقها ، وأنه يجوز تفرقة الخمس مثل الزكاة إذا كان المتولي عليهالسلام لقبضها ليس بظاهر بلا خلاف ، وقد تقدم في بحث الزكاة ، وإن كان الذي يجيء (١) حمل الصدقات إليه ليس بظاهر ، وإن عمل عامل على واحد من القسمين الأولين من الدفن أو الوصاية لم يكن به بأس. فأما القول الأول فلا يجوز العمل به على حال (٢).
هذا تمام كلامه قدسسره ، وقد نقلناه بطوله ليرى القارئ العزيز أن الكاتب قد حرَّف كلام الشيخ الطوسي ، ونسب إليه ما لم يقله ، وسيأتي قريباً مزيد بيان ، فانتظر.
* * *
قال الكاتب : ثمّ حصر الطوسي هذه الأقوال في أربعة :
١ ـ قال بعضهم إنه جار في حال الاستتار مجرى ما أُبيح لنا من المناكح والمتاجر ـ يعني طالما كان الإمام غائباً أو مستتراً فكل شيء مباح ـ وهذا هو أصح الأقوال لأنه
__________________
(١) كذا في المطبوعة ، والظاهر هو : وإن كان الذي يُجْبَى حمل الصدقات إليه ... الخ.
(٢) المبسوط ١ / ٢٦٣. النهاية في مجرد الفقه والفتاوى ، ص ٢٠٠.