وأقول : لقد قلنا فيما تقدَّم : إن زياد بن أبيه تتبَّع شيعة علي عليهالسلام تحت كل حجر ومدر ، حتى لم يبقَ بالكوفة رجل معروف بأنه من الشيعة.
فكيف يمكن مع ذلك أن يقال : إن الذين بايعوا الحسين عليهالسلام ثمّ خرجوا لقتاله كانوا من الشيعة؟!
وأما بيعتهم للإمام الحسين عليهالسلام فهي لا تدل على أنهم كانوا من شيعته ، لأنه من الواضحات أن مبايعة رجل لا تعني التشيع له ، وإلا لزم أن يقال : (إن كل الصحابة والتابعين الذين بايعوا أمير المؤمنين عليهالسلام قد تشيَّعوا له) ، وهذا أمر لا يسلِّم به القوم!!
* * *
قال الكاتب : وقال الحسن عليهالسلام : (أرى والله معاوية خيراً (١) لي من هؤلاء ، يزعمون أنهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي ، وأخذوا مالي ، والله لأَنْ آخذ من معاوية ما أحقن به من دمي ، وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني ، فيضيع أهل بيتي ، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلماً ، والله لأَن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير) الاحتجاج ٢ / ١٥.
وأقول : أما من ناحية السند فهذه الرواية ضعيفة ، لأنها مرسلة ، فلا يصح الاحتجاج بها.
وأما من ناحية الدلالة فغير خفي على من نظر فيها أن الإمام الحسن عليهالسلام كان يذم رجالاً مخصوصين ، ذكر عليهالسلام أوصافهم في الرواية ، وأخبر أنهم يزعمون أنهم من شيعته ، ولكنهم أرادوا قتله ، وانتهبوا ثقله ، وأخذوا ماله ، ولو قاتل عليهالسلام معاوية لأخذوه ولأسلموه إليه.
__________________
(١) الصحيح كما في الاحتجاج ٢ / ١٠ : خير (بالرفع لا بالنصب).