وأقول : هذه الرواية ضعيفة السند بالإرسال ، مع أن من جملة رواتها سهل بن زياد الآدمي ، وقد مرَّ بيان حاله.
قال المجلسي في مرآة العقول : ضعيف وآخره مرسل (١).
والعجيب من مدَّعي الفقاهة والاجتهاد كيف يحتج بالروايات الضعاف التي لا يميِّزها عن غيرها مع أن الإرسال فيها واضح جلي.
* * *
قال الكاتب : هذه الرواية تفيدنا بما يأتي :
١ ـ الحمار يتكلم!
٢ ـ الحمار يخاطب رسول الله صلىاللهعليهوآله بقوله فداك أبي وأمي! مع أن المسلمين هم الذين يفدون رسول الله صلوات الله عليه بآبائهم وأمهاتهم لا الحمير.
٣ ـ الحمار يقول : (حدثني أبي عن جدي إلى جده الرابع) مع أن بين نوح ومحمد أُلُوفاً من السنين ، بينما يقول الحمار ان جده الرابع كان مع نوح في السفينة.
وأقول : بعد معرفة ضعف الرواية فالكلام فيها فضول ، ولكن يمكن أن نقول مع ذلك : إنه لا مانع من أن يتكلم الحمار بنحو الإعجاز ، كما تكلم الهدهد لسليمان ، وهذا لا محذور فيه.
وأما قوله : (فداك أبي وأمي) ، فهي من العبارات التي يراد بها الإجلال والتكريم ، سواء أكانت صادرة من إنسان أم من حيوان بنحو الإعجاز ، فلا محذور فيها لو صدرت من بهيمة.
قال ابن الأثير في كتابه النهاية بعد أن ساق قول من خاطب الله سبحانه بعبارة الفداء : إطلاق هذا اللفظ مع الله تعالى محمول على المجاز والاستعارة ، لأنه إنما يُفدَّى
__________________
(١) مرآة العقول ٣ / ٤٨.