من الاستحباب إلى الوجوب فكان أول من قال بضرورة إيداع سهم الإمام عند مَن يُوثَقُ به من الفقهاء والمجتهدين حتى يسلمه إلى الإمام الغائب إن أدركه ، أو يوصي به إلى مَن يثق به ممن يأتي بعده ليسلمه للإمام ، وهذا منصوص عليه في كتاب المهذب ٨ / ١٨٠ وهذه خطوة مهمة جداً.
وأقول : لقد سبق ابنَ البراج إلى هذه الفتوى أبو الصلاح الحلبي كما مرَّ بيانه ، وأبو الصلاح كما مرَّ وُلد بعد انتهاء الغيبة الصغرى بحوالي خمس وأربعين سنة ، ولا ريب في أن هذه المسألة كانت مستحدثة في تلك الفترة كما قلنا فيما تقدّم ، فأين هذا التطور المزعوم في نظرية الخمس؟!
على أن مَن سبق ابن البراج كان يفتي بوجوب إيداع الخمس عند رجل مأمون يوصله إلى صاحب الزمان عليهالسلام إذا أدرك ظهوره ، أو يوصي لمن يوصله إليه إن ظهرت عليه أمارات الموت ، من غير فرق بين أن يكون فقيهاً أو عامّيّا ، ولا ريب في أن الفقيه المأمون أفضل أفراد مَن يؤتمن على حق الإمام عليهالسلام.
فهذه الفتوى في الحقيقة ليست مغايرة لما سبقها إلا في اختيار فرد من أفراد من يؤتمنون لإيصال الخمس إلى الإمام عليهالسلام ، وكلمات من سبق أبا الصلاح شاملة لكل من يؤتمن من دون تعيين.
* * *
قال الكاتب : القول الرابع :
ثمّ جاء العلماء المتأخرون فطوروا المسألة شيئاً فشيئاً حتى كان التطور قبل الأخير فقالوا بوجوب إعطاء الخمس للفقهاء لكي يقسّموه بين مستحقيه من الأيتام والمساكين من أهل البيت ، والمرجح أن الفقيه ابن حمزة هو أول من مال إلى هذا القول في القرن السادس كما نص على ذلك في كتاب الوسيلة في نيل الفضيلة ص ٦٨٢