أموال الخمس.
ولو سلمنا جدلاً بحصول ذلك من بعضهم فالسيّد لا يحاسَب على ما لم يطَّلع عليه ، ونحن لا ننزّه كل الناس عن الخيانة ، فإن التاريخ حدّثنا بأن بعض وكلاء الأئمة عليهمالسلام قد خانوا أماناتهم ، فأخذوا ما بحوزتهم من الأموال ، كما حصل لبعض وكلاء الإمام الكاظم عليهالسلام الذين جحدوا إمامة الرضا عليهالسلام لئلا يدفعوا إليه ما بحوزتهم من الأموال.
ولهذا لزم التأكيد على العوام بألا يدفعوا حقوقهم إلا لمن يعرفونه بالصلاح والأمانة والتقوى والورع ، دون غير المعروف بذلك.
* * *
قال الكاتب : قال أمير المؤمنين رضي الله عنه : (طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، أولئك اتخذوا الأرض بساطاً ، وترابها فراشاً ، وماءَها طيباً ، والقرآن شعاراً ، والدعاء دِثاراً ، ثمّ قرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح .. إن داود عليهالسلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال : إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له إلا أن يكون عَشَّاراً أو عريفاً أو شرطياً) نهج البلاغة ٤ / ٢٤.
قارن بين كلام الأمير رضي الله عنه وبين أحوال السادة واحكم بنفسك ، إن هذا النص وغيره من النصوص العظيمة ليس لها أي صدى عند السادة والفقهاء ، وحياة الترف والنعيم والبذخ التي يعيشونها أَنْسَتْهُم زهد أمير المؤمنين ، وأعمت أبصارهم عن تدبر كلامه ، والالتزام بمضمونه.
وأقول : لقد اطّلعتُ على أحوال من وسعني معرفتهم من علماء النجف ومراجعها فرأيتهم يعيشون حياة الزهد في الدنيا ، والانصراف عن ملذاتها مع ما بأيديهم من الأموال التي لم يستغلوها لمآربهم الشخصية ومصالحهم الذاتية.