واعتبر هذا أفضل من قيام صاحب الخمس بتوزيعه بنفسه وبخاصة إذا لم يكن يحسن القسمة.
وأقول : إن كلام ابن حمزة إنما هو في تقسيم سهم السّادة بين الأصناف الثلاثة ، وحيث إنه يرى لزوم التقسيم بالسوية بين الذكر والأنثى ، وبين الوالد والولد ، وبين الصغير والكبير ، ويراعى فيه العدالة والإيمان ... إلى غير ذلك ، فإن ذلك ربما يحتاج لرجل عارف لتقسيمه بينهم ، ولهذا أوجب على المكلف غير العارف دفعه إلى من يحسن قسمته من أهل العلم والفقه (١).
وهذا أجنبي عن المسألة التي نتكلم فيها ، وهي كيفية التصرف في سهم الإمام عليهالسلام في زمان الغيبة.
على أن هذه الفتوى ليست جديدة ، فإن الفقهاء السابقين لابن حمزة كالمفيد والشيخ الطوسي قدسسرهما وغيرهما يرون أن الإمام عليهالسلام يقسِّم نصف الخمس على الأصناف الثلاثة من السّادة الكرام ، فما فضل فهو له ، وما نقص أتمّه من حقّه (٢).
وحيث إن الفقيه هو نائب للإمام عليهالسلام وقائم مقامه فله أن يصنع مثل ذلك ، فيقسِّم نصف الخمس في أيتام السَّادة ومساكينهم وأبناء سبيلهم ، فإن نقصهم شيء أتمه من سهم الإمام عليهالسلام.
وأما رأي ابن حمزة في التصرف في سهم الإمام عليهالسلام فهو تقسيمه على فقراء الشيعة الصلحاء ، وهذا ما أوضحه بقوله : وينقسم ستة أقسام : سهم لله تعالى ، وسهم لرسوله صلوات الله عليه وآله ، وسهم لذي القربى ، فهذه الثلاثة للإمام ، وسهم لأيتامهم ، وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم ، وإذا لم يكن الإمام حاضراً فقد ذكر فيه أشياء ، والصحيح عندي أنه يُقسَّم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل
__________________
(١) راجع كتاب (الوسيلة إلى نيل الفضيلة) ، ص ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٢) راجع كتاب المقنعة ، ص ٢٧٨. والنهاية ، ص ١٩٩.