قال الكاتب : ٢ ـ عدم جواز العمل بما يوافق العامة ويوافق طريقتهم :
وهذا باب عقده الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة فقال :
والأحاديث في ذلك متواترة .. فمن ذلك قول الصادق رضي الله عنه في الحديثين المختلفين : اعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه.
وقال الصادق رضي الله عنه : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.
وقال رضي الله عنه : خذ بما فيه خلاف العامة ، وقال : ما خالف العامة ففيه الرشاد.
وأقول : هذا الباب ليس من أبواب كتاب (وسائل الشيعة) ، وإنما هو الباب الثلاثون من أبواب أصول الفقه ، من كتاب (الفصول المهمة) للحر العاملي ، وهو : باب عدم جواز العمل بما يوافق العامة وطريقتهم ، ولو من أحاديث الأئمة عليهمالسلام مع المُعارِض ... (١).
والكاتب نقل عنوان هذا الباب مبتوراً ، فخالف الأمانة العلمية من جهتين : من جهة نسبته إلى وسائل الشيعة ، ومن جهة بتر ذيله ، ليُوهم قارئه أن مخالفة العامة هي بنفسها دليل على الأحكام عند الشيعة.
وكما هو ظاهر من عنوان الباب ومن الأحاديث التي نقلها الكاتب أن عدم جواز العمل بالأحاديث الموافقة للعامة إنما هو في حال معارضتها لأحاديث أخر لا توافقهم ، وهذا يعني أن مخالفة العامة ليست بنفسها دليلاً يستعمله الفقيه في استنباط الأحكام الشرعية كما ذكره الكاتب ، وإنما هي أحد المرجِّحات الدِّلالية التي يُرجّح بها الفقيه أحد الحديثين المتعارضين اللذين لا يمكن الجمع العرفي بينهما.
ووجه الترجيح بمخالفة العامة أن الأئمة سلام الله عليهم لا تصدر منهم الأحكام المتعارضة والفتاوى المتضاربة ، لعصمتهم عليهمالسلام المانعة من ذلك ، فكل ما
__________________
(١) الفصول المهمة في أصول الأئمة ١ / ٥٧٥.