أعين بن سنسن عبداً رومياً لرجل من بني شيبان ، تعلم القرآن ثمّ أعتقه ، فعرض عليه أن يدخل في نسبه فأبى أعين أن يفعله ، وقال : أقرَّني على ولائي ... (١).
فلم يذكر الشيخ رحمهالله أن أسرة زرارة كانت نصرانية ، بل إن تعلم أبيه للقرآن وعَرْض مولاه عليه إدخاله في نسبه دليل على كونه مسلماً ، ولا يُعرف عن أم زرارة أنها كانت نصرانية.
نعم ، قد كان جدّه راهباً نصرانياً في بلاد الروم ، وهذا لا يعني أن أسرة زرارة التي نشأ فيها كانت نصرانية.
ولا ريب في أن هذا لا يضر بزرارة بعد إسلام أبيه ونشأته على الإسلام ، فإن الإسلام يَجُبُّ ما قبله ، وقد كان أكثر صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان ـ عبدة أوثان في الجاهلية ، وكان من الصحابة اليهودي والنصراني ، ومع ذلك حكم أهل السنة بعدالتهم وحسن إسلامهم ، بل واعتقدوا فيهم أنهم أمناء الله على حلاله وحرامه ، وهذا غير قابل للإنكار.
وإذا كان الكاتب قد استعظم قبول رواية زرارة مع أنه لم يثبت أنه وأباه كانا نصرانيين ، وإن كان جدّه راهباً ، فلِمَ لا يستعظم قبول روايات عبد الله بن سلام وتميم الداري ووهب بن منبّه وكعب الأحبار وغيرهم ممن كانوا يهوداً؟!
وإذا كانت أسرة زرارة النصرانية تشينه فلِمَ لمْ تُشِنْ أبا حنيفة أسرته ، فإن أبا حنيفة أيضاً كان من أسرة نصرانية.
فقد روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن محبوب بن موسى قال : سمعت ابن أسباط يقول : وُلد أبو حنيفة وأبوه نصراني.
وعن الساجي قال : سمعت محمد بن معاوية الزيادي يقول : سمعت أبا جعفر يقول : كان أبو حنيفة اسمه عتيك بن زوطرة ، فسمَّى نفسه النعمان ، وأباه ثابتاً.
__________________
(١) الفهرست ، ص ١٣٣.