وقال في الاستبصار : فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقية ، لأنها موافقة لمذاهب العامة ، والأخبار الأولة موافقة لظاهر الكتاب وإجماع الفرقة المحقة على موجبها ، فيجب أن يكون العمل بها دون هذه الرواية الشاذة (١).
* * *
قال الكاتب : وسُئِلَ أبو عبد الله رضي الله عنه : (أكان المسلمون على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله يتزوجون بغير بينة؟ قال : لا) انظر التهذيب ٢ / ١٨٩.
وعلق الطوسي على ذلك بقوله : إنه لم يُرِدْ من ذلك النكاح الدائم بل أراد منه المتعة ، ولهذا أورد هذا النص من باب المتعة.
وأقول : لم يعلق الشيخ بذلك في كتابيه (تهذيب الأحكام) ، و (الاستبصار) ، فراجعهما لتتحقق مقدار أمانة مدَّعي الاجتهاد والفقاهة.
بل قال الشيخ الطوسي في كتابيه المذكورين ما يلي :
فإن هذا الخبر ليس فيه المنع من المتعة إلا ببيِّنة ، وإنما هو منبئ عما كان في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أنهم ما تزوَّجوا إلا ببيِّنة ، وذلك هو الأفضل ، وليس إذا كان ذلك (٢) غير واقع في ذلك العصر دلَّ على أنه محظور ، كما نعلم أن هاهنا أشياء كثيرة من المباحات وغيرها لم تكن تستعمل في ذلك الوقت ، ولم يكن ذلك دلالة على حظره ، على أنه يمكن أن يكون الخبر ورد مورد الاحتياط دون الإيجاب ، ولئلا تعتقد المرأة أن ذلك لا يحوز إذا لم تكن من أهل المعرفة (٣).
قلت : ولا بأس أن أنقل للقارئ العزيز نص الحديث كما رواه الشيخ الطوسي في كتابيه تهذيب الأحكام والاستبصار ، ليتضح له معناه.
__________________
(١) الاستبصار ٣ / ١٤٢.
(٢) أي الزواج من غير بيِّنة.
(٣) تهذيب الأحكام ٧ / ٢٦١. الاستبصار ٣ / ١٤٨.