أحاديث ضعيفة أو موضوعة ، وهذا أمر لا نتنازع فيه ، إلا أنه لا يستلزم إسقاط هذه الكتب عن الاعتبار والحجية ، فإن العلماء جزاهم الله خير الجزاء محَّصوا هذه الأحاديث ونقَّحوها ، فعرفوا الصحيح من الضعيف ، وميَّزوا السليم من السقيم ، وحال هذه الكتب حال أكثر كتب أهل السنة التي جمعت الصحيح والضعيف والمكذوب والموضوع ، فلم يمنع اشتمالها على أحاديث موضوعة من العمل بما فيها من أحاديث صحيحة معتبرة.
* * *
قال الكاتب : وقد اعترف بذلك الشيخ الطوسي في مقدمة التهذيب فقال : (ذاكرني بعض الأصدقاء .. بأحاديث أصحابنا ، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابله ما يُنافيه حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا) ورغم حرص الطوسي على صيانة كتابه إلا أنه تعرض للتحريف كما رأيت.
وأقول : إن الاختلاف والتباين بين الأحاديث أمر لا يُنكر ، ونحن لا نتنازع فيه ، وذلك لأن الأحاديث المتعارضة كثيرة في كتب الشيعة وأهل السنة ، وحسبك أن تنظر في كتاب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) لابن رشد ، لتعرف مدى تعارض الأحاديث عند أهل السنة ، وما ترتب على ذلك من اختلاف الفتاوى فيما بينهم.
وكثرة الأحاديث المتعارضة في كتب الفريقين لا يضر ، لأن الفقيه يمكنه تمييز الصحيح من الضعيف والسليم من السقيم ، كما يمكنه الترجيح بين الأحاديث المعتبرة بالمرجِّحات السندية والدلالية ، والأخذ بالراجح وطرح المرجوح.
أما أن كتاب الشيخ الطوسي قد تعرَّض للتحريف فقد أوضحنا بطلانه آنفاً ، فلا حاجة لإعادته.