وما نقله عن بعض أهل العلم لا يصح التعويل عليه لجهالتهم ، ومع أن النوبختي وصفهم بأنهم من أصحاب أمير المؤمنين إلا أن الكاتب خلافاً للأمانة العلمية حذف هذا الوصف ، ليُوهم القارئ أنهم من علماء الشيعة المتقدِّمين.
وعليه فما نقله الكاتب عن النوبختي لا يمكن الاحتجاج به في إثبات شيء ، لأن النوبختي لم ينقله من مصدر معروف ، ولم تدل عليه شيء من الأحاديث الصحيحة المروية من طرق الشيعة أو أهل السنة على السواء.
* * *
قال الكاتب : ٤ ـ وقال سعد بن عبد الله الأشعري القُمِّي في عرض كلامه عن السبئية : (السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ ، وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني ، وساعده على ذلك عبد الله بن خرسي ، وابن أسود ، وهما من أجل أصحابه ، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم) (المقالات والفرق) ص ٢٠.
وأقول : حال كتاب (المقالات والفرق) لسعد بن عبد الله الأشعري حال كتاب (فرق الشيعة) للنوبختي ، فإنهما قدسسرهما نقلا كل مضامين كتابيهما من مصادر غير معروفة ، ولم يذكرا لكلامهما أسانيد صحيحة.
هذا مضافاً إلى أن ما قاله الأشعري في كتابه (المقالات والفرق) حول عبد الله ابن سبأ باطل في نفسه ، لوضوح أن عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني هو زعيم الخوارج الذي قُتل في النهروان ، وأما عبد الله بن سبأ فهو من الغلاة في أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد أحرقه أمير المؤمنين عليهالسلام في الكوفة كما هو الصحيح ، أو نفاه إلى المدائن كما دلَّت عليه بعض الأخبار. فهما شخصان مختلفان ، لكل منهما صفاته التي يختلف بها عن الآخر ، وقد ذكرنا في كتابنا (عبد الله بن سبأ) فصلاً في نفي أن يكون عبد الله بن سبأ هو عبد الله بن وهب الخارجي ، فليراجعه من أراد الاطلاع عليه.