أرسل إليَّ عمر بن الخطاب ، فجئته حين تعالى النهار ...
إلى أن قال : فجاء يَرْفَأ (١) فقال : هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن ابن عوف والزبير وسعد؟ فقال عمر : نعم. فأذن لهم فدخلوا ، ثمّ جاء فقال : هل لك في عباس وعلي؟ قال : نعم. فأذن لهما ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقضِ بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن. فقال القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقض بينهم وأرِحْهم. فقال مالك بن أوس : يخيل إليَّ أنهم قد كانوا قدموهم لذلك ، فقال عمر : اتَّئِدوا ، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : (لا نُورَثُ ، ما تركنا صدقة)؟ قالوا : نعم. ثمّ أقبل على العباس وعلي فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، أتعلمان أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : (لا نُورَثُ ، ما تركنا صدقة)؟ قالا : نعم.
إلى أن قال : قال ـ أي عمر ـ : فلما توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فجئتما ، تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما نُورَث ، ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثمّ توفي أبو بكر ، وأنا ولي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق ، فوَلِيْتُها ، ثمّ جئتني أنت وهذا ، وأنتما جميع وأمركما واحد ، فقلتما : ادفعها إلينا ، فقلت : إن شئتم دفعتُها إليكما على أنّ عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخذتماها بذلك ، قال : أكذلك؟ قالا : نعم. قال : ثمّ جئتماني لأقضي بينكما؟ ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فرُدَّاها إلي (٢).
فما يقول الكاتب في أمثال هذه الأخبار الصحيحة عند القوم؟
__________________
(١) هو حاجب عمر بن الخطاب.
(٢) صحيح مسلم ٤ / ١٣٧٧.