* * *
قال الكاتب : ضُبِطَ أحدُ السادة في الحوزة وهو يلوط بصبي أمرد من الدارسين في الحوزة. وصل الخبر إلى أسماع الكثيرين ، وفي اليوم التالي بينما كان السيد المشار إليه يتمشى في الرواق ، اقترب منه سيد آخر من علماء الحوزة أيضاً ـ وكان قد بلغه الخبر ـ فخاطبه بالفُصْحَى مازحاً : سيد ، ما تقول في ضَرْبِ الحلق؟ (١) فأجابه السيد الأول بمزاح أشد قائلاً له وبالفصحى أيضاً : يُسْتَحْسَنُ إدخال الحشفة فقط ، وقهقه الاثنان بقوة!!؟؟
وأقول : أنا أعجب من هذا الكاتب كيف لا يستحيي أن ينقل أمثال هذه القصص المكذوبة التي لا دليل على صحَّتها إلا نقل كاتبها الذي لا يوثق به؟
وعلماء الشيعة أجل وأتقى من أن يصدر منهم أمثال هذه الرذائل والموبقات ، بل نحن ننزّه كل شريف عن أمثال هذه الأفعال القبيحة ، سُنّياً كان أم شيعياً ، فضلاً عن أن يكون عالماً من العلماء أو فاضلاً من الفضلاء.
هذا مع أن نقل أمثال هذه الأمور ـ لو سلَّمنا بوقوعها ـ مندرج في باب إشاعة الفاحشة في المسلمين الذي هو منهي عنه بنصِّ الكتاب العزيز.
قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢).
قال ابن كثير في تفسيره : وهذا تأديب ثالث لمن سمع شيئاً من الكلام السيِّئ ، فقام بذهنه شيء منه وتكلم به ، فلا يكثر منه ولا يشيعه ويذيعه ، فقد قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣).
__________________
(١) يريد بذلك حَلَقة الدبر (حاشية من الكاتب).
(٢) سورة النور ، الآية ١٩.
(٣) تفسير القرآن العظيم ٣ / ٢٧٥.